فوضى التجنيس تصيب أدب الشوارع على اجلدران
يعرف األدب بشكله العام بأنه أحد أشكال التعبير اإلنساني ومــن خــاللــه تنطلق الـفـكـرة فــي اخــتــزال الـشـعـور ســـواء كان النص شعرًا أم سـردًا وحتى جميع األجناس األدبية كمبدأ تنظيمي ومحكم فــي تصنيف الـنـتـاج الـفـكـري هــذا النتاج الذي شاع في اآلونة األخيرة كفكرة تعبيرية على الجداريات متمثلة بجمل أدبـيـة مقتضبة ومصاغة تحت مظلة «أدب الشوارع» سبب هذا املصطلح إشكالية في الوسط األدبي، إذ هل يمكن اعتبار هذا النوع من التعبير «أدبًا». يـشـيـر الـــروائـــي الــعــراقــي عــلــي الــحــديــثــي إلـــى كـــون أنـــه إذا أردنـــا أن نطلق مصطلح (أدب) عـلـى كــل شــيء يكتب فهذا يعني أن البشرية كلها أدبــاء «ال مشكلة أن تكون البشرية كلها (أدباء)، ولكن املشكلة في الفوضى األدبية التي تترتب على ذلك، وما هو تجنيسها األدبـي؟ فضال عن أن ما يكتب يـــــــــــــــــــــــــا يــــــــــــــــــــــا ال كـــــــــــــــــــــــم ال لـــــــــــــــــــــــــم ال أنـــــــــــــــــــــــــــــــــس كــــــــــــــــوكــــــــــــــــبــــــــــــــــًا إنـــــــــــــــــــــــــــــــــي أمــــــــــــــــــــــــــــــــا وعـــــــــــــــــــــــــــــن أمــــــــــــــــــــــــــــــا هـــــــــــــــــــــــــــــــــــذا كــــــــــــــتــــــــــــــبــــــــــــــت وألنــــــــــــــــــــــــــــهــــــــــــــــــــــــــــا فـــــــــــــــــــتـــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــارك فــــــــــــــــــــــــلــــــــــــــــــــــــذات قـــــــــــــــــــــــد لــــــــــــــســــــــــــــت يـــــــــــــــــبـــــــــــــــــق وإن تـــــــــــــجـــــــــــــزعـــــــــــــي ال تـــــــــــــســـــــــــــألـــــــــــــيـــــــــــــنـــــــــــــي ومــــــــــــــــــــــــــــــــؤمــــــــــــــــــــــــــــــــال ران على الجدران من جمل أدبية تعبيرية له ملسة أدبية، أي هو أديب في ذاته يهمل قلمه، وكثيرا ما نرى أناسا لهم تعابير أدبية، ولم يكونوا أدباء»، وأما عن حاجة الكتابة الشوارعية في ظل وجـود مواقع التواصل االجتماعي فيقول «الكتابة الشوارعية لها تأثير نفسي على املارة، فلو كتبت أنت جملة عــلــى الــفــيــس فــلــن يــقــرأهــا إال أصـــدقـــاؤك فــي الــصــفــحــة، أما فـي الـشـارع فيقرأها كـل مــار فيه وغالبا مـا تكون مثل هذه الكتابات ذات طابع سياسي فهي رسالة موجهة إلى الساسة في ذلك البلد فضال عن كتابات رومانسية أو ساخرة». فيما تــرى الـروائـيـة الكويتية ميس العثمان أن ظـاهـرة التدوين الحروفي العباراتي على جدران األزقة واألحياء هي ظاهرة لــيــســت جـــديـــدة وهــــي كـــذلـــك لــيــســت مــقــتــصــرة عــلــى دولنا العربية «في زيـارات متكررة لعدد من الدول األوروبية أجد الكثير من تلك الكتابات والرسومات إذ تتفاوت بحرفيتها وإتقانها، واملتروكة كما هي على جـدران األحياء الداخلية بـــــــــــــــــــــــــــني الـــــــــــحـــــــــــاضـــــــــــر مــــــــــــشــــــــــــاعــــــــــــري عــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدو نــــــــــــــــــــــــــوح الـــــــــــــــــــنـــــــــــــــــــادر الــــــــــــــــطــــــــــــــــاهــــــــــــــــر الـــــــــــــــــــــوافـــــــــــــــــــــر الــــــــــــــــــقــــــــــــــــــادر غـــــــــــــــــــــــــــــــــــادر الـــــــــــــجـــــــــــــائـــــــــــــر الــــــــــــنــــــــــــاضــــــــــــر املـــــــــــــــــاكـــــــــــــــــر كـــــــــــــــطـــــــــــــــيـــــــــــــــف عــــــــــــــابــــــــــــــر الــــــــــــــقــــــــــــــاهــــــــــــــر الـــــــــــــــســـــــــــــــامـــــــــــــــر الـــــــــــطـــــــــــائـــــــــــر لـــــــــــــــــــــــــــقـــــــــــــــــــــــــــاء آخـــــــــــــــــــــر دفــــــــــــــــــــــاتــــــــــــــــــــــري خـــــــــــــــاطـــــــــــــــري –في الغالب– دون أن يتم مسحها من قبل البلديات»، الفتة إلى كونها ظاهرة انعكاس للحاجة للقول وإلبــداء الصوت والــــرأي والــفــكــرة، وتــرجــع الـعـثـمـان هــذه الــظــاهــرة إلــى زمن الــسـبـعــيـنـات والــثــمــانــيــنــات، الفــتــة إلـــى أن الـــجـــدران كانت تحتوي عبارات أشبه ما تكون بـ «نفثات قلوب» املراهقني من الشباب والصبية وحتى زمـن التسعينات صــارت الجدران مكانا أصيال للتعبير عن املقاومة، مبينة أن هناك عبارات كتبت لجنود االحــتــالل وإعــالمــه تعبيرا عــن رفــض املحتل والطاغية! وتضيف كونها هـي الـجـدران ذاتـهـا التي زينت بعبارات الحب للكويت يوم التحرير، أما إذا كانت تصنف أدبًا فتقول «بالتأكيد تلك العبارات أقل من أن يطلق عليها «أدب»، خصوصا أنها منقولة في الغالب من أصحابها غير املعروفني، وتظل هذه الصرعات متناقلة من جيل آلخر مهما تقدمت باإلنسان التكنولوجيا، فاإلنسان هو ذاته واملراهقة السلوكية ال تنضب على أية حال!».