الهيئة امللكية
وأنـا أطلع على مجلة «جبن الصناعة واالقتصاد» التي صـدرت عن «الهيئة امللكية للجبيل وينبع» والتي تحمل رصدًا تاريخيًا لحقبة إقامة الهيئة، عادت بي الذاكرة إلى الــظــروف الـتـي صاحبت إنـشـاءهـا ومــا تـالهـا مـن حمالت تشكيك وغمز وملــز، بــدءًا مـن وصفها بأنها أكبر مشروع فاشل في التاريخ، ومــرورًا بالعبارة األشهر آنـذاك «دعهم يحلمون» وليس انتهاء بمقولة إن هذا املشروع حلم سوف يغرق في رمال الخليج.. إلخ ما قيل آنذاك، لتصبح اإلرادة السياسية هي سيدة املوقف باعتبارها القاطرة األساسية لنجاح أي مشروع تاريخي مهما كان بالغ الصعوبة، ولذا عليكم أن تعذرونا عندما نقول أحيانا إن هذا املشروع أو ذاك يحتاج إلــى «قــرار سياسي» كـاإلصـالح التعليمي أو االقتصادي أو االجتماعي وغيرها ألنه هذا الغطاء وتلك اإلرادة هــي الـتـي تـذلـل هــذه الـعـقـبـات مهما كــان حجمها وتعقيداتها. أعــــود إلـــى هـــذا اإلصـــــدار الــــذي صــحــح بــعــض املعلومات العالقة في الذهنية، بالنسبة لي على األقــل، ومـن بينها أن شركة «بكتل» هي صاحبة اقتراح إقامة الهيئة، وهي الفكرة التي راجت على خلفية الورقة التي قدمها «ستيف بكتل» للملك فيصل رحمه الله بعنوان «مجمع الجبيل الصناعي» والـتـي أحالها جاللته للجنة وزاريــة برئاسة سمو وزير املالية واالقتصاد الوطني آنذاك، وهي املعلومة التي فندها الدكتور جميل الجشي في مقاله، وإن كان ما قاله يرسخ انطباعا هاما وهو أن بذور هذه الفكرة وعملية طـرحـهـا للبحث والـــدراســـة الفعلية بـــدأت مـنـذ عـهـد امللك فيصل رحمه الله!! عموما بعد كل هذه الجهود املخلصة التي بذلها كل ملوك البالد دون استثناء، يرفع اليوم سمو رئيس الهيئة األمير سعود بـن ثنيان جمله مـن اليافطات التي تحمل أرقاما كبرى؛ من بينها أن حصة الهيئة من إجمالي االستثمار الصناعي تبلغ حاليًا %65 وأن حصة اململكة من إجمالي اإلنتاج العاملي للبتروكيماويات تصل إلى ،%10 إضافة إلى حصة الهيئة من إجمالي االستثمارات األجنبية التي تشكل حاليا ،%37 هــذا خــالف مـا ضمنته الهيئة لرؤية 2030 مــن أرقـــام ونـسـب عـالـيـة، مــن بينها تنويع املوارد املالية وزيــادة اإليــرادات بنسبة %93 ورفـع نسبة إيرادات الــهــيــئــة إلــــى نـفـقـاتـهـا الـتـشـغـيـلـيـة بـنـسـبـه ،%104 وهذه وغــيــرهــا كـلـهـا نـسـب وأرقـــــام لــو تحققت سـنـكـون حينها قـد وضعنا أقـدامـنـا على أرضـيـة صلبة نحو تعزيز دور اململكة وترسيخ موقعها اإلستراتيجي على خريطة إنتاج البتروكيماويات في العالم.