البوصلة باجتاه احلياة
قبل أيام قرأنا عن ترشيح مدينة أبها عاصمة للسياحة العربية هـذا الـعـام، وأبها جديرة بهذا الترشيح ألنها تملك كـل املـقـومـات، وكـانـت لها أيــام ال تنسى مارست خــاللــهــا غــوايــتــهــا الــلــذيــذة فــي اســتــقــطــاب الـــســـواح من كـــل مــكــان وقـــدمـــت لــهــم مـــا يــالمــس وجــدانــهــم ويريح أعصابهم، وقد بدأت بوادر استعادتها ملاضيها خالل الصيف املاضي بشكل مدهش أسعدنا جميعا. وفــــي هــــذه الــفــتــرة بــــدأت بـــــوادر عــــودة أشـــيـــاء مبهجة تـسـتـقـطـب الـــنـــاس لــديــنــا لــلــعــودة إلــــى مـــواســـم الفرح واالستمتاع بمباهج الطبيعة وجمال الفنون املختلفة مـن حـفـالت واستحضار لـلـمـوروث الشعبي الـثـري في تنوعه وجماله في كل منطقة من مناطق اململكة، ولكن بشكل مختلف عــن املــواســم املـاضـيـة مــن حــيــث، كثافة اإلقبال، والشعور بقدر أكبر من حرية االستمتاع وقدر أقل من التوجس بحدوث املنغصات. وفي مارس القادم ستقام تظاهرة نوعية ضخمة للفيلم السعودي تنظمها جـمـعـيـة الــثــقــافــة والــفــنــون بــالــدمــام ســتــكــون متميزة عـلـى املــســتــوى الخليجي وربــمــا الــعــربــي، بحضورها وبتميز ما سيعرض فيها من أعمال. وإذا أضفنا إلى ذلك إرهاصات الخروج من شرنقة الغياب في الرياض وجدة، فإننا أمام مؤشرات قوية لحقيقتني. األولــــى هــي «تــوطــني الــفــرح واملــتــعــة والــبــهــجــة» بضخ مـــــاء الـــحـــيـــاة فــــي مــنــابــعــهــا بــعــد الـــجـــفـــاف، وذلــــــك ما ستترتب عليه آثار إيجابية كبيرة، نفسية واجتماعية واقــتــصــاديــة. والـثـانـيـة تتمثل فــي بــدء تــوديــع مرحلة نـشـاز ألـقـت بظاللها الثقيلة على مجتمعنا وجعلته مغتربًا من أجـل متعة بريئة مـوجـودة في بلده لكنها مطمورة منذ عـقـود، وذلــك يعني عـودتـه إلــى طبيعته وفطرته اإلنسانية. إنــهــا مــؤشــرات جـمـيـلـة، لكنها تـحـتـاج إلـــى االستمرار والتطوير والعناية والحماية، تحتاج أن تكون جزءًا من اإليجابيات التي يجب أن نتحدث عنها عندما نتحدث عــن مجتمعنا ووطـنـنـا أمـــام اآلخــريــن الــذيــن أصبحوا ال يــرون فينا ســوى مجتمع تسمرت بوصلته باتجاه املوت واآلخرة وحث الناس إليها وكأن الله لم يجعل لنا في الدنيا فسحة لالستمتاع بمباهج الحياة.