Okaz

من فقه الرجل قصده في معيشته!

-

فـــي مــجــلــس (مـــوســـى) األســـبــ­ـوعـــي، انــتــظــ­م عقد الــحــضــ­ور حــيــث تـجـتـمـع الــفــضــ­ائــل عــلــى مائدة الــوفــاء والـتـقـدي­ـر والــحــفـ­ـاوة بـالـعـطـا­ء واملحبة، والسياحة في فرص الجمال املبثوثة في كل أرجاء املكان، مجلس يجمع تـحـت سقفه أطـيـافـا مختلفة مــن النسيج االجتماعي بينهم الطبيب واملحامي واملهندس واألديب والشاعر والكاتب والـريـاضـ­ي والفقيه والعالم ومـوظـف الـدولـة واملتقاعد تدور نقاشات فياضة تتناول أحداث الساعة ومما يجري حولنا في الداخل الخارج يدلي كل برأيه في جو يسوده الـود والتقدير واالحـتـرا­م، حتى وإن اختلفت اآلراء واحتدم النقاش يقف كل واحـد عند قول اإلمــام الشافعي (رأيــي صـواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الــصــواب) املهم أن الـحـوار هـو لغة العقاء وبه تحصل الفائدة ويتحقق املرجو واملطلوب. تجنح بــنــا سـفـيـنـة املــجــلـ­ـس إلـــى أيــــام مــضــت فــتــرســ­و عــلــى ذكريات املـاضـي بعبقه وإرثـــه التاريخي املضخم فـي الــذاكــر­ة فنسمع من صاحب املجلس العم عبدالله موسى أحلى ذكريات زمان عن مكة املكرمة وحواريها وبــاب الدريبة والباسطية وحارة الباب والشامية وحلقات املسجد الحرام التي ترسل نفحات من نور اإليمان في القرآن والتفسير والحديث والفقه والتجويد، وكيف كانت أيامهم تلك رغم صعوبة الزمان وقلة اإلمكانات طرية باملحبة محشوة باملودة تطرز أفعالهم الرحمة في تآلف وتراحم وتقارب فا ينام جار وجــاره جائع. تتقارب بيوتهم تتكئ ظهور بعضها على بعض تمنعها من السقوط تساعدها على الـوقـوف بكبرياء وشموخ تتعانق رواشينها في صمت ينسل أريج بخورها وطيب عودها بني الشقوق يحمل رسالة لها كـل املعاني خـاصـة مـن أملــت بـه املــواجــ­ع وأرقـــه الـشـوق في حب صادق خاف عليه فأخفاه بني طيات قلبه حتى ال تفضحه عيونه وخفقات قلبه، كان السؤال هذه املرة حاضرا وبقوة يلقي بظاله على سقف املجلس وحيطانه يدور في ذهن الحاضرين وخواطرهم ولكنه سرعان ما خرج إلى العلن مطروحا بصوت مسموع تلقفته آذان مـن فـي املجلس صاغية! نعيش مرحلة جديدة لم نتعودها من قبل ولم نفكر فيها أصا، ظروف جدت على ساحتنا أخذت بنا عنوة لسياسة التقشف الجديدة التي تعيشها الــدولــة وانـعـكـسـ­ت عـلـى مـشـاريـعـ­هـا وإنـفـاقـه­ـا العام نتيجة هبوط أسـعـار البترول وتذبذبها. فكيف نستطيع أن نتعامل مع هذا الوضع الجديد ونكيفه بما يتناسب وواقعنا الــذي نعيش فيه؟ ونحن قـد تعودنا على اإلســـراف والصرف بغير حساب وتبذير املال مرددين مقولة (أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) مقولة ال تمت إلى الواقع بصلة تخالف كل قوانني االقتصاد واملال ال تحسب للعواقب حسابا، وأن الزمان لــه دورات وصـــوالت وجــــوالت. نحن أمـــام تـحـول وطـنـي كبير ذو مـامـح جـديـة يحمل صــورة واضـحـة إلصـاحــات طموحة مـسـتـقـبـ­لـيـة تــهــدف لــلــحــد مـــن اعــتــمــ­اد املــمــلـ­ـكــة عــلــى البترول وعوائده مع خطة عاقلة واسعة يحمل عنوانها (رؤية )2030 تهدف إلى تنويع دخل االقتصاد السعودي بعيدا عن االعتماد على الـبـتـرول املـصـدر الوحيد للدخل بطلها الـشـاب الطموح األمــيــر محمد بــن ســلــمــا­ن.. دار الــســؤال عـلـى الـحـاضـري­ـن بكل ما فيه من آمال وآالم ووقف أمام كل حاضر ليقول برأيه فيه. تضاربت األقوال واختلفت اآلراء وتعددت األمثلة ولكن أجمع الحاضرون على أننا نعيش نمطا استهاكيا غير واقعي بعيدًا عن الرشد قريبًا من النزق. تجاوزنا كل حدود العقل ومفهوم املنطق بسطناها كل البسط أنفقنا على أمور حياتنا بإسراف غير مبرر ودون تقنني ولم نكن بني ذلك قوامًا كما وضحه الله عز وجل بقوله (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بني ذلـك قـوامـا) أي عـدال ووسطا دون إسفاف وتبذير ويقول نبي الرحمة مـن فقه الـرجـل قصده فـي معيشته ويـقـول عليه الصاة والسام ما عال من اقتصد. حتى أن اإلسراف والتبذير

nyamanie@hotmail.com في النفقة معصية لله عز وجل، ونحن قد أسرفنا وبالغنا في أفراحنا وأحزاننا وعلى موائدنا وفي حلنا وترحالنا. نغير سـيـاراتـن­ـا دون سـبـب، نـشـتـري مــا ال نـحـتـاجـه، نتفاخر بعدد السائقني والــخــدم العاملني وكــم مــرة نسافر فـي السنة وقبل أن يبلى القديم نشتري الجديد، تجاوزنا الحد في كل شيء، فـنـسـرف ونــبــذر فــي مــا ينبغي زائــــدًا عـلـى مــا يـنـبـغـي. ندعي اإلسام وال نطبق تعاليمه التي تحثنا على أن نأكل ونتصدق ونلبس ونعيش فـي غير إســـراف وال مخيلة. فــإن مـن السرف أن تأكل كل ما تشتهي، حتى الـوضـوء يقول رســول الله عليه الصاة والسام لسعد بن معاذ وهو يتوضأ ما هذا السرف؟ فقال أفــي الـوضـوء إســـراف! قــال نعم وإن كنت على نهر جار. ونحن نجعل من مكان وضوئنا بركة من مــاء، ونحول الليل إلى نهار والصيف بالشتاء ونشكو من فاتورة الكهرباء وقبل أن يؤذن لصاة الِعشاء والعشاء كان اتفاق املجلس أنه يجب أن يتعلم كل مواطن، أن اإلسراف خلق مذموم ألن فيه تجاوزا للقصد ومبالغة وخـروجـا على السلوك الـسـوي ال نقصد من ورائه إال املباهاة والتفاخر واستجابة للهوى وشهوة النفس. إنا أمام منعطف خطير يرسم مامح حياتنا من جديد فا بد أن نكون حذرين.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia