مشروع برنامج خادم احلرمني لالبتعاث

فــي كـلـمـة لــوزيــر الـتـعـلـيـم الــعــالــي الــســابــق مـعـالـي الــدكــتــور خالد العنقري فـي حفلة التخرج لخريجي الدفعة الـرابـعـة مـن برنامج خـادم الحرمني الشريفني بكندا بتاريخ 1435/3/22 ذكر معاليه في سياق حديثه «هناك 150 ألف مبتعث ومبتعثة موزعون على أكثر من 30 دولة منذ انطاقته األولى عام 6241هـ، وتخرج من هذا البرنامج نحو 55 ألف طالب وطالبة» (موقع وزارة التعليم). هذا التصريح كان من مسؤول رسمي قبل ما يقارب الثاث سنوات وبعد ذلـك لم أجـد حتى نشر هـذا املقال أي تصريح حكومي بخصوص مخرجات برنامج خــادم الحرمني الشريفني لابتعاث الخارجي. هذا البرنامج الرائد من الدولة ما هو إال أحد البرامج التي أطلقتها ضمن مجموعة من البرامج في االستثمار املعرفي وبناء الشخصية التعليمية، وهو مما ال شك فيه أن نتائجه ستكون بكل املقاييس على املدى الطويل رافدا قويا في بناء جيل متعلم تعليمًا متطورًا، يمتلك قدرات هائلة ومكتسبة من مدارس وثقافات شعوب ألكثر من 30 دولة. في املقابل ال بد أن يكون هناك بيئة حاضنة لهذا العدد الهائل من خريجي هذا البرنامج وليس مجرد اجتهادات وبرامج توظيف ال تتناسب مع متطلبات ما يسعى له الخريج. نعم هناك بــرامــج اسـتـقـطـاب مــن الـجـامـعـات الـسـعـوديـة لبعض هــذه الكوادر وهناك ما يسمى بيوم املهنة يقام في بعض الدول سنويًا ولكن كل هذه املبادرات ال يمكن أن تستوعب أو تحقق لهم ما يتطلعون له. وزارة العمل والتنمية االجتماعية ووزارة الخدمة املدنية وغيرهما من الــوزارات الخدمية ال بد أن تجد اآللية املناسبة لاستفادة من مخرجات هذا البرنامج عبر إنشاء منصة رقمية موحدة لكي تكون هـي الجهة املعبرة عـن مـا لدينا مـن مخرجات لهذا البرنامج من طاقات وكفاء ات لكي يتم االستفادة منها على الوجه املطلوب. هذه املنصة ستكون هـي املرجعية األسـاسـيـة لكل الــــوزارات الحكومية وكذلك القطاع الخاص والتي تحتاج إلى كوادر وطنية في مختلف التخصصات، ستجد كل التخصصات املطلوبة في هـذه املنصة. هـــذا الـجـيـل يتطلع إلـــى الــخــدمــات الـرقـمـيـة والــتــواصــل بالتقنية ولدينا ثــروة بشرية تلقت تعليمها فـي أرقــى الجامعات العاملية وصـرفـت الــدولــة املـلـيـارات لكي يحصلوا على تعليم بمواصفات عاملية، تغربوا عن أوطانهم وعن ذويهم وأمضوا سنوات وهم على مقاعد الــدراســة، تعرفوا على ثقافات شـعـوب، وعلى أنظمة حياة مقننة ليس فيها بيروقراطية مكاتب ومعامات وانتظار لسنوات. هـنـاك آالف الـخـريـجـني والـخـريـجـات مــن هــذا الـبـرنـامـج ال يزالون ينتظرون بـارقـة أمــل فـي الـحـصـول على عمل يصقل مـا تعلموه، يقابلها آالف الوظائف األكاديمية والفنية وغيرها ال يزال يشغلها متعاقدون فلماذا كل هذا العناء واالنتظار؟. إن لم تكن هناك بوابة موحدة ملعرفة ما لدينا من كنز قمنا باالستثمار فيه لسنوات وحان الوقت لكي نستثمر هذا الكنز الثمني في مجاالت التنمية املختلفة لهذا الوطن، فإننا سنكون مثل الذي يرمي بذوره في أرض خصبة ويسقيها بعرقه ودمه ولكن ال يستطيع أن يستثمر حصادها على الوجه املطلوب. صدقوني املوضوع ليس باملعجزة تحقيقه ولكن فقط يحتاج إلى مزيد من االهتمام والتقنني والتنظيم.