الترمبية اجلديدة
عطست أمريكا بظهور ترمب فأصيب العالم بالزكام، ظن كثيرون أن تـصـريـحـاتـه مــجــرد فـقـاعـات صــابــون انـتـخـابـيـة يـتـاشـى زبدها بـدخـول البيت األبــيــض، إال أن الـتـاشـي تـبـاطـأ. وفــي أول أسبوعني للرئاسة الجديدة ماجت واشنطن، ومعها كبريات العواصم العاملية، بتفاعات كثيرة لكيفية التعامل مـع مـا يمكن تسميته بالظاهرة «الترمبية»، فالرجل طموح درجة أنه ال يريد تغيير أمريكا وحسب بل والعالم أيضا، وكما قالت «الفايننشال تايمز» الثاثاء املاضي: على العالم إدراك حقيقة ما يقوله ويعنيه ترمب. داخــلــيــا يــريــد تـغـيـيـر الـبـنـيـة الـتـحـتـيـة للتفكير الــســيــاســي للنخبة الـحـاكـمـة ومـثـقـفـي بــــاده، تـشـكـل الـجـبـهـة الـداخـلـيـة أقـــوى تحديات «الترمبية»، إضافة للنخب السياسية، استعدى ترمب كثيرين ضد طروحاته، إعاميني مثقفني فنانني واألقليات األمريكية، ما نشاهد مفرزاته في شوارع أمريكا، ولعل آخرها حركة التضامن الواسعة مع معتقلي مطار نيويورك العراقيني بداية هذا األسبوع. تنتظر ترمب دعاوى كثيرة متسلحة بالدستور والقانون واملبادئ الديموقراطية املتمسكة بالسلم األهلي واألمن الداخلي وحقوق األقليات. وبرغم أن الحديث عن طلب بعض الـواليـات األمريكية االنفصال عن االتحاد قـديـم، إال أن بعثه مـن جـديـد وبـقـوة فـي واليــة كاليفورنيا، سمحت سلطاتها األسـبـوع املاضي ببدء حملة «كاليفورنيا وطـنـا»، يعتبر مجرد مؤشر ملا قد تصل إليه األحداث. خارجيا، برغم أن ترمب يعتبر، برأيي املتواضع، أفضل ممن سبقه لوضوحه وصراحته، إال أن الترمبية تواجه جملة تحديات من عدة جبهات، أوروبا، عدا بريطانيا، بدأت بإعان عدم حاجتها لنصائح ترمب عندما تدخل في شؤونها وتحدث سلبا عن حلف الناتو، آسيا غضبت النسحابه من اتفاقية دول املحيط الهادئ، أفريقيا مؤجلة كالعادة، جارتاه، كندا الغنية أمسك عنها ملعرفته بهجرة األمريكان إليها وقــد تـــزداد الـوتـيـرة درجــة إقــاق السلطات الـكـنـديـة، املكسيك الفقيرة يريد عزلها بجدار وتغطية تكاليفه بضرائب تفرض على وارداتـــه منها، فجاء الــرد حازما بإلغاء زيــارة رئيس املكسيك وبدء حملة شعبية ملقاطعة البضائع األمـريـكـيـة باملكسيك. أمــا مندوبة أمريكا في األمم املتحدة فحذرت بتسجيل أسماء معارضو الترمبية. الصني هي املستفيد الوحيد، ستفتح لها حمائية وانعزالية ترمب، إذا نجحت، آفاق قيادة العالم، وال أظنها ستنجح فكلفتها عالية. عربيا، أبدت عدة دول تحفظها ضد بعض األفكار الترمبية ورحبت ببعضها، ويـبـدو أن الـعـرب كسبوا ثــاث نـقـاط، فقاعة نقل السفارة توارت قليا، وكذلك املوقف من االستيطان، فحسب «هآرتس» جنحت واشــنــطــن لـلـحـذر بـــدال مــن الــتــشــدد وخـيـبـت أمـــل لــوبــي االستيطان. وعندما سئل وزير الدفاع األمريكي عن نقل السفارة أجاب: ما أعرفه أن تل أبيب هي العاصمة، ومندوبة أمريكا في األمم املتحدة، املهددة بتسجيل أســمــاء املـشـاغـبـني، صــرحــت بمعارضتها االســتــيــطــان، ثم املوقف من االتفاقية النووية مع إيران، مع الشك في جديته، إال أنها جميعا توحي بإمكانية التعامل مع الترمبية شرط تمكن العرب من توضيح املصالح املشتركة، سيتمكنوا من انـتـزاع مكاسب أكثر إذا أحسنوا التوضيح.