نغمات تعيدنا إلى الزمن اجلميل
على كل الحشد الذي قام به اإلخوة الغاة من الذين يعادون البسمة والسعادة والفرح ضد الفن واملوسيقى والـغـنـاء؛ إال أن قاعة مركز امللك فهد الثقافي فـي الـريـاض امـتـأت قبل بداية (نغمات ثقافية) بساعات وعاد الكثير أدراجــــه بـعـد أن أغـلـق املــركــز أبــوابــه المتاء الـقـاعـة بـأنـاس جـــاءوا يسمعون طـربـا وفنا ويمتعون أرواحــهــم بجمال الكلمة والنغم دون أن يــــؤذوا أحـــدا أو يــعــتــدوا عـلـى أحد، وســــارت الـفـاعـلـيـة بـكـل انـسـيـابـيـة مــن حيث الـتـنـظـيـم الــحــضــاري لــلــحــدث، وبــعــد نهاية االحـتـفـال كـل عــاد إلــى بيته معبأ بذكريات جميلة ولحظات عذبة. (نغمات ثقافية) أعادت لنا جزءا من ذاكرتنا االجتماعية قبل أكثر من أربعني سنة حيث كــــان الــفــن دارجــــــا فـــي املــجــتــمــع واملوسيقى والغناء مألوفا آلذان الناس ال ينكره الناس وال يــاحــقــون املـغـنـني والــفــنــانــني، بــل كانت الــحــفــات الـغـنـائـيـة تــقــام بـتـنـظـيـم وإشــــراف أجهزة الدولة، وكانت تغص بالحضور حتى خنقها أعــــداء الـبـهـجـة وسـمـمـوا أفــكــار جيل كــامــل ضــدهــا، حــتــى رأيــنــا أنــاســا يقارنون املوسيقى بالخمر والــزنــا وتقشعر أبدانهم عــنــد ســـمـــاع نــغــمــة عــــابــــرة مــعــتــقــديــن أنها سـتـهـوي بـهـم فــي قـعـر جـهـنـم، هــكــذا علمهم وعاظ جهلة أمسكوا بتابيب املنابر فحشوا أذهان الشباب بقناعات مغلوطة ضد الحياة والزهد فيها وفي ملذاتها ومناحي الجمال فيها، فنشأ جيل من الشباب، يستحقرون الفن ويستعيبون اإلبــداع فيه، لـذا لـم نـر مبدعني برزوا منذ تلك الحقبة من تاريخنا الوطني، في الوقت الذي رأينا آالف الوعاظ يتناسلون ويتكاثرون، حتى أصبح لكل مواطن داعية. أتمنى أن تكون (نغمات ثقافية) بداية ألن نعود إلـى زمننا الجميل وأن نعي أن هذا الـــوطـــن لـلـجـمـيـع ومـــن حـــق كـــل مـــواطـــن أن يتمتع فيه دون وصاية من مواطنني آخرين مساوين له باملواطنة ال سلطة ألحدهم على االخــــر، ألنـــه ال يـمـكـن أن يـتـصـور أن يملي عليك أحدهم ما تسمع وما تشاهد، ال لشيء إال ألنه ارتدى مشلحا وأسمى نفسه شيخا أو داعية.