Okaz

معالي الوزير.. نريد إجنازًا ال تنظيرًا!

-

هـل يعقل أن الـوزيـر الــذي يعرفه الصحفيون جيدا ويـعـرف بعضهم جيدا... يتحول إلى مسوق للتهم ضدهم؟! مفارقة مستغربة، أن تصدر عن وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى تلك االتهامات بحق اإلعام واإلعاميني: أن أخبارهم تتسم بالتسرع وعدم املصداقية وحب اإلثارة! وتتسع املفارقة وتكبر لتتحول مبعث دهشة أن يقول العيسى ما قال وهـو الــذي ال أعتقد أنـه ينكر مساندة اإلعاميني له في مواقف عدة، خصوصا عندما اندلعت معركة املتطرفني ضد جامعة اليمامة التي كــان يديرها آنـــذاك، وكيف كانت للصحافة وقفتها الوطنية الجادة رافضة الفكر اإلقصائي! يـبـدو أن الــوزيــر لـم يتعلم مـن ذلــك الـــدرس، أو على األقــل لـم يكن بني وبني، كما يقول محمود درويش «ال تقترب حد االحتراق.. وال تبتعد حد االفتراق». واآلن أصبح من مهاجمي اإلعـام ومسوقي التهم ضده، وكأنه يريد وزارة ال أحد يكتب أو يتحدث عنها، وإن كتب يركز على اإليجابيات ويتجاهل السلبيات التي تكتظ بها أروقة وزارته. وبالنسبة لإلعاميني الذين استغربوا هجومه وتجنيه عليهم، على رغــم عملهم لخدمتها مـثـل غـيـرهـا مــن الـــــوزا­رات ومـؤسـسـات الدولة، وتصنيفه لهم باملتسرعني ومحبي اإلثـارة، فقد كان تعامل غالبيتهم عقانيا و«معلوماتيا»، ووفقا ملا اجتمع لديهم من األخبار والتقارير الــتــي يحتفظون بـهـا ملـتـابـعـ­ة نــشــاط الـجـهـات الـحـكـومـ­يـة والخاصة. بالنسبة للعيسى، لم تكن هذه «الجردة» في مصلحته إن أراد الدخول فـي خصومة مـع الصحافة واإلعــــا­م! فقد يكتشف الــوزيــر نفسه قبل اإلعام أن منجز وزارته منذ أن تسنم حقيبتها متواضع جدا وال يرقى ملا كان يبشر به. فـفـي عــهــده حـتـى بـعـض الـكـتـب املــقــرر­ة عـلـى الـطـلـبـة تــأخــر تسليمها للمدارس إلى ما بعد بدء العام الدراسي. وغير ذلك كثير؛ لكن األكثر أهـمـيـة ومــدعــاة للتأمل أن يـسـأل العيسى نـفـسـه: مــا هــو املـنـتـج الذي قدمه منذ تعيينه وزيرا للتعليم وهل طبق ولو ربع ما جاء في كتابه: إصــاح التعليم في السعودية بني غياب الـرؤيـة السياسية وتوجس الثقافة الدينية وعجز اإلدارة التربوية، على رغم 14 شهرا على توليه املنصب؟ مـــاذا قــدم إلــى الـجـامـعـ­ات لـتـعـزز اسـتـقـالـ­هـا، وتــوســع نـطـاق أبحاثها العلمية؟ مـــاذا قــدم إلــى املعلمني غـيـر إعـــان حـركـتـي الـنـقـل الداخلي والخارجي؟ وهما مهمتان يمكن أن يقوم بهما باقتدار أي كادر إداري على مستوى الوزارة أو اإلدارات التعليمية؟ أما آن لأخ العيسى أن يسأل نفسه: ماذا فعل من أجل تحسني أوضاع املعلمني الذين يعدون أكبر شريحة في سلك الوظائف الحكومية؟ وأما آن له أن يسأل نفسه عن سيل الشكاوى املتدفق من عدم تعاون املتحدث باسم وزارتــه مع اإلعــام، في مخالفة صريحة لسياسات الدولة التي تنظم العاقة بني األجهزة اإلعامية والجهات الحكومية. الذين عرفوا العيسى قبل توزيره عرفوه أكاديميا وإداريا، وما عرفوا عنه قط أنه الخبير في اإلعام إلى درجة تسمح له بتصنيف الصحفيني واإلعاميني، والحكم على منتجاتهم التي يعرضونها للعامة والنخبة في الـهـواء الطلق كل يــوم، بل كل دقيقة بالنسبة للوسائط الحديثة، وكــان بإمكانه أن يـرد ويوضح بـدال من الهجوم وســوق التهم مجانا وأبواب اإلعام مفتوحة ال مغلقة. وباملناسبة... معالي الوزير صديق أحترمه كثيرا، لكن عليه أن يراجع ما قدم وما أنجز بدال من الهروب لأمام من استحقاقات تقع على عاتقه وعاتق وزارته، وعليه أن ال يعتبر اإلعام السعودي تحت الوصاية أو جدارا قصيرا أو شماعة يضع عليها ضعف منجزه ليهاجم اإلعاميني، بدال من التركيز على األهم وحلحلة مشكات وزارته. األكيد يا معالي الوزير أن الجميع يريد إنجازا ال تنظيرا، أو لن يتوقف

اإلعام عن النقد!.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia