املرأة تعيل أسرتها

كـل يـوم وكـل حـن تثبت الوقائع أن تنظيرات املتشددين حـول قضايا املجتمع هي نظرة خاطئة ال تقوم على دراية أو فهم بمجريات األمور، وكم من قضية اجتماعية وقف أمـام تنفيذها مجموعة من املحتسبن عـلـى أنــهــم حـــراس الـفـضـيـلـة.. ومــن الـقـضـايـا الــتــي وقــفــوا منها موقف املتعنت املستبد قضية عمل املرأة.. فخالل السنوات املاضية دارت حروب لفظية بن املؤيد لعمل املرأة والرافض له، وصل األمر لتنادي وإدخال شخصيات اعتبارية وعظية لتسفيه حجج ضــرورة عمل املــرأة، والتي قالت إن مناصري عمل املرأة ال يريدون إال إخراجها من بيتها. وتعبنا ونحن نقول لهؤالء إن متغيرات الزمن اختلفت وإن الكثير من السيدات أصبحن (العائل الوحيد) في األسـرة، فهي املنفقة والتفضيل قائم على من ينفق (وهذه مسألة أخرى)، وأمام هذه الحجة نهض أحد الـدعـاة مخاطبا الـدولـة أن تقوم باإلنفاق على أي امــرأة بـدل خروجها للعمل، هذا الرأي املضلل ال يعي أي مفهوم اقتصادي أو إسالمي (وهو املجال الذي يتحدث فيه) ومثله الكثيرون، وقد نهض الرافضون لعمل املرأة من باب الحمية والتقاليد املحصورة في زمنية ما، إذ إن التاريخ سجل عمل املرأة، وقصة سيدتنا خديجة رضي الله عنها ليست بعيدة. وألننا نعيش في غياب املعلومة فلم تكن هناك بيانات وافية عن عمل املرأة لكي يمكن تحليلها ودراستها، إال أن الواقع واالحتياج جعل املرأة ساعية للعمل بأي صورة كانت، متخطية اآلراء التي تناديها باملكوث في بيتها، وألن (الجوع كافر) خرجت السيدات بحثا عما يقيهن تصغير وجوههن بمد اليد أو االشتغال بما يدمر األخالق. وجـــاء تـصـريـح املــشــرف الــعــام عـلـى بــرنــامــج حــســاب املــواطــن أن نسبة الـسـيـدات الـالتـي سجلن أنفسهن بأنهن يتولن مسؤولية اإلنــفــاق في األسرة ،%28 وهي نسبة مرتفعة، فلو بقيت هؤالء السيدات في بيوتهن ملا التفت إليهن أحد حتى أولئك الذين خاضوا حروبا من أجل بقائها لن يستطيع الواحد منهم مد يد العون لهن. وألنـــه مــن الـطـبـيـعـي أن تــتــوافــر أعــمــال فــي حـقـل واحـــد وألن الكفاءات والتهيئة مختلفة كانت هناك أعمال متواضعة تتناسب مع الالتي ال يحملن املؤهل املطلوب، فاشتغلت املــرأة في متاجر املالبس النسائية وفي (الكاشير) صاالت االستقبال ومجيبة للنداء (السنترال) وغير ذلك. والغاية من العمل تكون غاية ذاتية في محورها األول وغاية تالية هي التنمية االقتصادية للبلد، واإلحصائيات تنص على أن نسبة اإلناث تفوق الذكور، هذا هو الواقع الذي دفع بالسيدات ألن يدخلن إلى مجال العمل بقوة وكـفـاءة.. مـرة أخـرى الحياة توجد لنفسها ظرفا يفوق أي معوقات.