مادة ..)77( بريئة يا مجلس الشورى!
يــركــز الـكـثـيـر مــن املـهـتـمـني بــالــشــأن الــعــام وقــضــايــا العمل والتوطني على املادة 77 باعتبارها هي السبب في قضايا الـفـصـل املـتـوالـيـة الــتــي ظــهــرت فــي حــق عـــدد مــن العاملني السعوديني في القطاع الخاص أخيرًا. وحتى نكون منطقيني فالتوطني في سوق العمل قبل وجود مادة 77 لم يكن مثاليًا بل كان في أسوأ حال بحجة أن عدم وجود هذه املادة كان عذرًا مشروعًا ألصحاب املال الخاص فــي عـــدم تفضيلهم لـتـوظـيـف الــســعــوديــني بـحـجـة أنــهــم ال يـسـتـطـيـعـون فـصـلـه مــتــى مــا رأوا عـــدم صــالحــيــة املوظف السعودي أو حاجة املنشأة إلى توظيف من هو أكثر كفاءة منه..إلخ! والحقيقة في رأيــي أن املــادة 77 في نظام العمل هي مادة تحمل فــي ذاتــهــا نـفـس الـنـتـائـج الــتــي تـسـاعـد عـلـى تمسك املــنــشــآت بــالــعــامــلــني لــديــهــا وإغـــرائـــهـــم لــلــبــقــاء فــيــهــا ألن السعودي املوظف في القطاع الخاص يستطيع فسخ عقده أيضًا لسبب غير مشروع ليبحث عن فرصة أفضل دون أن تتحكم فيه أيضًا املنشأة. وبما أن النقاش حـول هـذه املــادة وصـل إلـى أروقــة مجلس الشورى بعد رفع عدد من التظلمات تجاهها، وبغض النظر عــن اإليـجـابـيـة فــي اسـتـجـابـة مجلس الــشــورى الهتمامات املواطنني ولحقه التشريعي في تعديل بعض األنظمة أو اقتراحها فـإن مناقشة هـذه املــادة ومعالجتها بمعزل عما حـدث في العامني األخيرين في سـوق العمل يعد معالجة ناقصة وأشبه باملسكنات التي ال تشخص حالة وال تعالج مرضًا. والسؤال: ملاذا تحولت مادة 77 من أن تكون مادة في صالح املوظف السعودي في القطاع الخاص إلى مادة استخدمت ضده بمرارة في اآلونة األخيرة؟ واإلجابة على هذا السؤال ينبغي أن تـكـون أســـاس مناقشة مجلس الــشــورى ووزارة الــعــمــل مــعــًا، ألنـــه لـــو رجــعــنــا إلـــى قــبــل بــضــع ســـنـــوات فإن الشكوى كانت من القطاع الخاص ورجال األعمال حول أن نـظـام العمل الجديد أعـطـى حـريـة للموظف الـسـعـودي في االنتقال ألي منشأة أخرى بمجرد زيادة مرتبه 200 ريال! القصة يا سـادة تبدأ وتنتهي من برنامج «نطاقات» وهو الــبــرنــامــج الــــذي انـتـهـجـتـه وزارة الــعــمــل طــــوال السنوات املاضية، فعندما كانت الــوزارة ترفع نسب ومسطرة الحد األدنى للتوطني بشكل دوري لكل نشاطات وأحجام املنشآت في القطاع الخاص مولدة آلية طلب على توظيف السعوديني مــا يـجـعـل هـــذه املــــادة إحـــدى األدوات للتمسك باملوظفني وزيـــادة مرتباتهم! وعندما خـف ضغط وزارة العمل على املنشآت في اآلونة األخيرة -ماعدا االستهداف الكلي لنشاط بيع وصيانة الجواالت- وتم تخفيف األنظمة على النطاقات املنخفضة ربما تحت تأثير ادعـــاءات مـن القطاع الخاص بــأن هــذه النسخة الـجـديـدة قــد تخنق املـنـشـآت وتخرجها خــارج سـوق العمل، حـدث هـذا التراجع فـي التوطني، وزاد الطني بلة عمليات الفصل التي تمت أخيرًا. قد يكون للوزارة أسبابها التي ال نعلمها ولكن بالنتيجة فإن تأخير تطبيق النسخة الجديدة من برنامج «نطاقات املـــوزون» ربـمـا لعامني مضيا والـــذي مـن أهــم عالماته أنه خــــالف نــســبــة الــتــوطــني املــطــلــوبــة ودعــــم صـــنـــدوق املــــوارد الــبــشــريــة فــإنــه يـنـظـر إلـــى عـــوامـــل أخــــرى كــمــتــوســط أجور العاملني السعوديني، ومــدة استقرارهم في املـشـاة، ونسبة ذوي األجــــور املـرتـفـعـة منهم كــان أحــد أهــم األســبــاب التي أوقفت الطلب على التوطني في املنشآت وأظهرت لنا مادة 77 في وجهها القبيح. إن مــعــالــجــة الــنــتــائــج بــتــحــويــر مـــــادة 77 أو إلــغــائــهــا لن يضيف لقضايا التوطني شيئًا ذا قيمة أو يحمي املوظفني من هجمات الفصل التعسفي ما لم تنظر هـذه املعالجات لأسباب التي نولد فيها مزيدًا من آليات الطلب ودعم تلك اآلليات بعشرات الجزرات والعصي أيضًا!