Okaz

مادة ..)77( بريئة يا مجلس الشورى!

- د. محمد آل سلطان

يــركــز الـكـثـيـر مــن املـهـتـمـ­ني بــالــشــ­أن الــعــام وقــضــايـ­ـا العمل والتوطني على املادة 77 باعتبارها هي السبب في قضايا الـفـصـل املـتـوالـ­يـة الــتــي ظــهــرت فــي حــق عـــدد مــن العاملني السعوديني في القطاع الخاص أخيرًا. وحتى نكون منطقيني فالتوطني في سوق العمل قبل وجود مادة 77 لم يكن مثاليًا بل كان في أسوأ حال بحجة أن عدم وجود هذه املادة كان عذرًا مشروعًا ألصحاب املال الخاص فــي عـــدم تفضيلهم لـتـوظـيـف الــســعــ­وديــني بـحـجـة أنــهــم ال يـسـتـطـيـ­عـون فـصـلـه مــتــى مــا رأوا عـــدم صــالحــيـ­ـة املوظف السعودي أو حاجة املنشأة إلى توظيف من هو أكثر كفاءة منه..إلخ! والحقيقة في رأيــي أن املــادة 77 في نظام العمل هي مادة تحمل فــي ذاتــهــا نـفـس الـنـتـائـ­ج الــتــي تـسـاعـد عـلـى تمسك املــنــشـ­ـآت بــالــعــ­امــلــني لــديــهــ­ا وإغـــرائـ­ــهـــم لــلــبــق­ــاء فــيــهــا ألن السعودي املوظف في القطاع الخاص يستطيع فسخ عقده أيضًا لسبب غير مشروع ليبحث عن فرصة أفضل دون أن تتحكم فيه أيضًا املنشأة. وبما أن النقاش حـول هـذه املــادة وصـل إلـى أروقــة مجلس الشورى بعد رفع عدد من التظلمات تجاهها، وبغض النظر عــن اإليـجـابـ­يـة فــي اسـتـجـابـ­ة مجلس الــشــورى الهتمامات املواطنني ولحقه التشريعي في تعديل بعض األنظمة أو اقتراحها فـإن مناقشة هـذه املــادة ومعالجتها بمعزل عما حـدث في العامني األخيرين في سـوق العمل يعد معالجة ناقصة وأشبه باملسكنات التي ال تشخص حالة وال تعالج مرضًا. والسؤال: ملاذا تحولت مادة 77 من أن تكون مادة في صالح املوظف السعودي في القطاع الخاص إلى مادة استخدمت ضده بمرارة في اآلونة األخيرة؟ واإلجابة على هذا السؤال ينبغي أن تـكـون أســـاس مناقشة مجلس الــشــورى ووزارة الــعــمــ­ل مــعــًا، ألنـــه لـــو رجــعــنــ­ا إلـــى قــبــل بــضــع ســـنـــوا­ت فإن الشكوى كانت من القطاع الخاص ورجال األعمال حول أن نـظـام العمل الجديد أعـطـى حـريـة للموظف الـسـعـودي في االنتقال ألي منشأة أخرى بمجرد زيادة مرتبه 200 ريال! القصة يا سـادة تبدأ وتنتهي من برنامج «نطاقات» وهو الــبــرنـ­ـامــج الــــذي انـتـهـجـت­ـه وزارة الــعــمــ­ل طــــوال السنوات املاضية، فعندما كانت الــوزارة ترفع نسب ومسطرة الحد األدنى للتوطني بشكل دوري لكل نشاطات وأحجام املنشآت في القطاع الخاص مولدة آلية طلب على توظيف السعوديني مــا يـجـعـل هـــذه املــــادة إحـــدى األدوات للتمسك باملوظفني وزيـــادة مرتباتهم! وعندما خـف ضغط وزارة العمل على املنشآت في اآلونة األخيرة -ماعدا االستهداف الكلي لنشاط بيع وصيانة الجواالت- وتم تخفيف األنظمة على النطاقات املنخفضة ربما تحت تأثير ادعـــاءات مـن القطاع الخاص بــأن هــذه النسخة الـجـديـدة قــد تخنق املـنـشـآت وتخرجها خــارج سـوق العمل، حـدث هـذا التراجع فـي التوطني، وزاد الطني بلة عمليات الفصل التي تمت أخيرًا. قد يكون للوزارة أسبابها التي ال نعلمها ولكن بالنتيجة فإن تأخير تطبيق النسخة الجديدة من برنامج «نطاقات املـــوزون» ربـمـا لعامني مضيا والـــذي مـن أهــم عالماته أنه خــــالف نــســبــة الــتــوطـ­ـني املــطــلـ­ـوبــة ودعــــم صـــنـــدو­ق املــــوار­د الــبــشــ­ريــة فــإنــه يـنـظـر إلـــى عـــوامـــ­ل أخــــرى كــمــتــو­ســط أجور العاملني السعوديني، ومــدة استقرارهم في املـشـاة، ونسبة ذوي األجــــور املـرتـفـع­ـة منهم كــان أحــد أهــم األســبــا­ب التي أوقفت الطلب على التوطني في املنشآت وأظهرت لنا مادة 77 في وجهها القبيح. إن مــعــالــ­جــة الــنــتــ­ائــج بــتــحــو­يــر مـــــادة 77 أو إلــغــائـ­ـهــا لن يضيف لقضايا التوطني شيئًا ذا قيمة أو يحمي املوظفني من هجمات الفصل التعسفي ما لم تنظر هـذه املعالجات لأسباب التي نولد فيها مزيدًا من آليات الطلب ودعم تلك اآلليات بعشرات الجزرات والعصي أيضًا!

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia