AEAErJ¹oeUMð Ê«d$ °rJ¹oeU¹√ vKŽ bAð
بعد سير طويل داخل أراض مقفرة غير معبدة خارج نجران، وصلت العربات العسكرية املصفحة إلـى آخـر نقطة حدودية سعودية تحرسها قــوات حـرس الـحـدود، وتتماس مع اليمن، كـانـت «الـنـقـطـة» على رأس أحــد الـجـبـال الـشـاهـقـة، والوصول إليها صعبا ومرهقا، فكيف بها والـقـوات تعبرها عـدة مرات في اليوم. اإلمكانات العسكرية والتسليحية، كبيرة وحديثة، بل ومفاجئة بالنسبة لنا نحن املدنين، الخدمات املدنية واملعيشية أيضا كــانــت مــدهــشــة، االهـــتـــمـــام بــتــفــاصــيــل حــيــاة الـــجـــنـــود، ودعم نفسياتهم ومعنوياتهم، كـان حاضرا وبقوة، بل يأخذ درجة عالية من العمل، كما أكد الضباط في الداخلية والجيﺶ. قال الضابط الرفيع للوفد اإلعامي الذي نظمت زيارته بامتياز وزارة اإلعام ممثلة في قناة اإلخبارية، ورآنا قد استوحشنا من املوقع الذي نـزوره، هل ترون الجندي املتسمر خلف النواظير الليلية، هو ال يستطيع في هذا الجبل القصي، أن يشعل نارا وال ضــوءا، وال يتحرك إال فـي أضيق الـحـدود وبـحـذر شديد، إنها معركة مع املوت والحياة، والفوز على عدو غادر. هــل تـتـخـيـلـون وحــشــتــه.. أنـــا أقــــول لــكــم: إنــهــا وحــشــة الظام، ووحشة الجبل املقفر، ووحشة املــوت، وفرقة األهــل والشهداء الذين زامـلـوه الساح والقتال، ثم رحلوا «ذات بغتة» للرفيق األعلى. مع هـذا كله يمضي الجندي ورفـاقـه الليل والنهار، في نفس املـكـان، بنفس التحفز، دون خـوف أو ملل أو تـشـك، كما يفعل كثير من املدنين، الضابط استدرك قائا: نحن لن نسمح ألحد باالنتصار علينا، ولو كان الثمن صعود أرواحنا جميعا. لم يكن ذلـك إال تأكيدا للوعود التي أطلقها األمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير نجران، حينما قال: نحن في نجران نعد السعودين شعبا وقيادة، بثاثة أمور لن نغفل عنها أبدا، أن ُتستمر التنمية والخدمات في مدينتنا بأعلى درجاتها، أن ال يخترق األمن الداخلي للمدينة، بل سنحقق فيها أمنا أفضل من الفترات التي سبقت الحرب، والوعد األخير، أن ال يدخل أحد من األعداء من ِقبِلنا، مخترقا حدود نجران، أو داخا على ما بعدها من املدن، ولو على أجسادنا. فـي نـجـران تـبـدو الحياة عـاديـة جــدا، الــشــوارع مليئة باملارة، املتسوقون يمضون نحو املتاجر دون قلق، األسعار منخفضة، املــــواد الـتـمـويـنـيـة مــتــوافــرة، عــمــال الـبـلـديـة يــقــومــون بأعمال النظافة، يشذبون األشجار ويسقون املــزروعــات، املستشفيات تستقبل املرضى، املــدارس مليئة بالطاب والطالبات، املدينة لـيـسـت فــي حــالــة اســتــنــفــار، وال تــوجــد مـظـاهـر عـسـكـريـة، ولن تصدق أن النساء يسرن في ممشى «البلدية، برفقة أطفالهن، وهم يركضون ويلعبون، وكأنها رسالة األرض وأهلها، لذلك الشقي الساكن في كهوف الجبال». غـريـبـة هـــذه املــديــنــة الــتــي تــرفــرف فــي واديــهــا الـعـظـيـم أرواح الشهداء، فرغم أن قدرها الجغرافي وضعها في مرمى اإلرهاب الحوثي، إال أنها لم تئن، ولم تهرب، الشك أن صابة أهلها، له تأثيره الكبير، وفعله الساحر. نــجــران الــصــامــدة «تــنــاديــكــم، تـشـد عـلـى أيــاديــكــم»، أن يبادر املجتمع املـدنـي والرسمي بإقامة الفعاليات واألنشطة وعقد االجتماعات، اإلحساس بالعزلة أيها السادة قد يكون رسالة سلبية، ربما يكرس صورة ذهنية خاطئة عن «مدينة األخدود» التي تعيﺶ حياتها البسيطة، متغافلة عن بعض منغصات الحرب الطارئة.