Okaz

‪wMÞu « s‬ _«Ë UOz«uAF «

- د. ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﺘﻮاﺗﻲ @alitawati a.tawati@ubt.edu.sa

تابعنا ـ مواطنن ومسؤولن ـ بكل االرتياح واالعتزاز املداهمات البطولية الناجحة التي نفذها األمن الوقائي في وزارة الداخلية إلجهاض عمليات إرهابية محتملة في عدد من مناطق اململكة بما فيها تلك التي نفذت أخيرا في كل من الرياض وجدة. ولكن املقلق في املداهمات الثاث التي نفذت أخيرا أن اثنتن منها نفذتا في مناطق حضرية حديثة نسبيا ما يعني باختصار أن تطورا نوعيا طرأ على أسلوب تمركز الخايا اإلرهابية. فبعد أن كان تواجدهم للتخطيط والتجهيز والتنفيذ مقتصرا على املناطق النائية والوعرة واألرياف واالستراحا­ت واألحياء العشوائية التي تشكل أحزمة فقر مزرية حول املدن وتشكل بقعا سوداء داخلها، رأيناهم يوزعون نشاطاتهم على نطاق أكبر يشمل كافة األحياء خاصة منها تلك الحديثة املاصقة للطرق الدائرية والخطوط السريعة. وهـذا يعني أنهم أصبحوا أدق تنظيما وأوســع انتشارا وأكثر تركيزا فـي تـوزيـع األدوار ليصعبوا على األمــن مهمة تتبعهم وكشفهم والـقـضـاء عليهم. فهم يــطــورون أساليبهم بـالـتـواز­ي مـع تـطـور األجهزة األمنية. وبمحاولة التعرف على مامح األحياء الجديدة التي أصبحت على خريطة تواجد اإلرهابين نجد أن الحين اللذين شهدا آخر مداهمتن أمنيتن في الرياض وجدة يشتركان ببعض املامح الجديرة باالهتمام. فحي الياسمن في الرياض هو خليط من الفلل والعمائر، ويعتبر من األحياء الحديثة نسبيا ويتميز باالنفتاح على طريقن سريعن من أهم طرق الرياض أحدهما طريق امللك سلمان الذي ينفتح الحي عليه من الشمال واﻵخر طريق امللك فهد الذي ينفتح الحي عليه من الغرب. والطريقان يقودان إلى شبكة كبيرة من الطرق الدائرية السريعة وخطوط السفر الطويلة. أمـا حي النسيم في جـدة فهو أيضا واحــد من عشرات األحـيـاء الحديثة التي شكلت حزاما من كتل العمائر املتراصة جنبا إلى جنب وينفتح من الشرق على طريق الحرمن الدائري الشرقي السريع ومن الغرب على طريق األمير ماجد الذي أصبح سريعا أيضا ويصل بن الطريقن طريق امللك عبدالله. وتقود هذه الطرق أيضا إلى شبكة كبيرة من الطرق الدائرية السريعة وخطوط السفر الطويلة. ورغم اختاف أنماط البناء إال أنه من الواضح أن الخايا اإلرهابية لم تخترهما عبثا. فكا الحين يحدان طريقا سريعا أو أكثر يمكن االستفادة منها في الدخول والخروج وفي الفرار والنجاة في حالة الهرب واملطاردة. ومن املامح األخرى أن الياسمن من أوائل األحياء التي بنيت على عجل أيام الطفرة األولــى ولـم تؤخذ باالعتبار في بنائه املساحات الفارغة والحدائق املفتوحة ما أدى الـى اكتظاظه ورحيل معظم سكانه املستهدفن أصا إلى مناطق أحدث وحلول أعداد كبيرة من العمالة األجنبية وغيرها محلهم. أمـا حي النسيم بجدة فهو أيضا بني على عجل وبدعم غير مباشر من صندوق التنمية العقارية بعد تعديل نظام الصندوق والتشريعات املساندة لتمكن املواطنن من شراء الشقق بدال من بناء املنازل في ظل احتكار األراضي ومصادرة حق مدينة جدة باالمتداد األفقي.. وهكذا نـرى أن وصـف العشوائيات لم يعد ينطبق على تلك األحياء الفقيرة غير املخططة فحسب، بــل يتعداها أيـضـا إلــى األحــيــا­ء الـجـديـدة املخططة الـتـي لــم يـــراع فــي تخطيطها قابليتها للحياة واالستمرار­ية بسكانها املستهدفن للعيﺶ فيها، وذلك لعدة أسباب من أهمها إهمال معادلة نسبة عدد السكان ملساحة األرض أو الوحدة السكنية، وغض الطرف عن كفاية الخدمات وتحسن بيئة الجوار وتوزيع املساحات الفارغة أو الخضراء التي يمكن أن تعتبر )رئة التنفس( ألي مجمع سكني يراد له االستمرار والحياة. واليوم، تعلن وزارة اإلسكان عما تسميه «منتجات إسكانية» وتتضمن 280 ألف منتﺞ سكني وتمويلي للتخصيص والتسليم في جميع مناطق اململكة. تلك املنتجات ال يهمني منها سوى القروض التمويلية واألراضي السكنية الـجـاهـزة للبناء. أمــا «الــوحــدا­ت السكنية» التي تــوزع بموجب معايير الدخل واألسرة فستنتهي إلى ما انتهت إليه مشاريع إسكان كثيرة سابقة ما لبثت أن تحولت إلــى هاجس أمني مقلق بعد أن هجرها سكانها املستهدفون ليس فـي بـادنـا فحسب، بـل فـي دول أخرى متقدمة كالسويد وفرنسا وأمريكا وبريطانيا وغيرها، وذلك إما لعدم توافقها مع احتياجات املستهدفن املحكومة بموروثات ثقافية واجتماعية معروفة أو ملجرد تصنيفها بمعيار الدخل أو عدد أفراد األسرة. ولذلك أرى أن ضغط الحاجة يجب أال يلهينا عن ضـرورة التمسك باألوليات وأهمها العودة لنظام القروض السكنية وتوفير األراضي القابلة الجاهزة للبناء ضمن مخططات ال يكون املعيار فيها هو الدخل أو عدد أفراد األسرة إنما مساحات األراضـي التي يكون منها الصغيرة واملتوسطة والكبيرة بحيﺚ يحتوي الحي الـواحـد على تنوع ديموغرافي يشمل األســر الصغيرة واملتوسطة والكبيرة حتى ال تنشأ أحياء تقتصر على ذوي الدخول املرتفعة فقط، وأحياء أخرى يتكوم فيها ذوو الدخل املنخفض وما تلبﺚ أن تتحول إلى )جيتوز( للفقراء..

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia