Okaz

°lłËQ ¨XÐd{ «–≈

- ﻋﺰﻳﺰة اﻟﻤﺎﻧﻊ azman3075@gmail.com

مــن األمــثــا­ل املــتــدا­ولــة عـنـد الــعــرب قـولـهـم: )إذا ضــربــت، فــأوجــع، وإذا زجرت، فــأســمــ­ع(. وهــو مـثـل مـوغـل فــي الـتـطـرف يكشف عــن ثـقـافـة الــعــرب املـيـالـة إلى املبالغة واالبتعاد عن االعتدال في معظم أشكال السلوك. من يقرأ في التراث العربي، يعجب لهذا امليل املفرط لدى العرب نحو املغاالة في معظم األحيان، فهم إن أحبوا أمعنوا، وإن أثنوا أسرفوا، وإن هجوا أقذعوا، وإن سخروا فحشوا، أما إن غضبوا فذلك الجنون بعينه! لـهـذا ال يـبـدو غريبا أن ورث أحـفـادهـم عنهم تلك الخصلة القبيحة، فصار التطرف السمة املازمة لهم في كل شيء، في انفعاالتهم وأفكارهم وتعبيراتهم وإنفاقهم، فهم في كل شيء ال بد لهم من بلوغ أقصاه. عيب التطرف أنه يعمي البصيرة، فيفقد املتطرف قدرته على الحكم السليم على تصرفاته وعلى األشياء من حوله. وكم من الناس اندفعوا وراء انفعاالتهم املتطرفة فغررت بهم وتركتهم يسقطون في بئر مظلمة من الزلل، حتى إذا ما تخلت عنهم أدركوا سواد ما وقعوا فيه، فأخذ ينهﺶ قلوبهم األسف والندم. وعيبه اﻵخــر األكــبــر، أن املتطرف ال يــدري أنــه متطرف، وال يــرى أنــه تجاوز قدر االعتدال فيما يفعل أو يقول، فاملتطرف في سوء ظنه مثا، ال يرى تطرفه ويعتقد جـازمـا أنما يظنه مـن سـوء هـو حقيقة واقـعـة، واملتطرف فـي إعابته ملا يفعله غيره أو يعتنقه من فكر أو يؤمن به من رأي، ال يدرك ذلك، ألنه يرى موقفه هذا حقا وصوابا. أما أسوأ ما في التطرف، فأن يظنه الناس خصلة فطرية يولد بها بعضهم، وأنـه ال يمكن التخلص منه ألنه من مكونات الجينات املوجودة في دمائهم، فيستسلمون لتطرفهم يائسن من إمكانية التخلي عنه، وقد يبررون له بحجة )العصبية(، أو فرط العاطفة أو غير ذلك. لكن التطرف في حقيقته ليس سـوى نمط من أنماط السلوك الكثيرة، التي يمكن لﻺنسان أن يتحكم فيها وأن يعدلها للنمط الذي يختاره، بدليل أن أولئك الذين يتطرفون في غضبهم مع من هم أدنى منهم في املكانة أو من يماثلونهم فيها، ال يفعلون ذلك متى غضبوا ممن هو أعلى مكانة منهم أو له شيء من السلطة عليهم. هــذه الــقــدرة على ضبط الـسـلـوك املـتـطـرف مـع مـن هـم أعـلـى مـكـانـة، هـو دليل ناصع على أن التطرف ليس غريزيا وليس جينيا، وإنما هي حالة سلوكية يمكن التحكم فيها بقليل من التدريب والتعود. لقد حﺚ الله سبحانه عباده على التخلي عن التطرف في انفعاالتهم وامتدح القادرين على التحكم فيها وعد فعلهم من دالالت اإلحسان فقال: }والكاظمن الغيﻆ، والعافن عن الناس، والله يحب املحسنن{.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia