ملن البقالة يا صديق؟!

ربما يمكنك حل معادلة لوغاريثمية بالرياضيات وأنـت تخصصك آداب وعلوم إنسانية، لكنك لن تستطيع الوصول أبدًا إلجابة السؤال الذي اخترته عنوانًا للمقالة أعاه، ومهما دفعك فضولك لإللحاح على ذلك العامل اآلسيوي أو العربي الذي تراه طوال الوقت يجلس خلف صـنـدوق املحاسبة بـالـورشـة أو البوفيه أو محل املـابـس الجاهزة، فـإنـك لــن تطلع منه بــأي نتيجة، فهو يجيبك على مــا يــريــده ويهز رأســـه متظاهرًا بقلة الفهم على األسـئـلـة الـتـي يـنـوي الــهــرب منها!؟ بـاألمـس ووفـقـًا لـهـذه الصحيفة، كشف نـائـب مـديـر مكافحة التستر الـتـجـاري، معلومة غـايـة فـي األهـمـيـة، وهــي أن (املجنسني) هـم أحد األسباب الرئيسية وراء التستر التجاري، وأشار إلى أن بعض النساء املتجنسات يعمدن بمجرد امتاكهن الهوية الوطنية الستقدام أقاربهن وإعطائهن الصاحيات ملمارسة النشاط، والحقيقة أن هذه املعلومة الحساسة جدًا هي ما نحتاجها في مثل هذه األوقات الحرجة، والتي أعتبرها أول الخيط الذي سيوصلنا بمشيئة الله إلى الحقيقة الكاملة، فأكثر سؤال كان يؤرقنا حول هذه الظاهرة هو عن سر الثقة املفرطة واملتبادلة بني طرفي جريمة التستر؟! «أثــاري الصديق الـذي جاءنا من شـرق آسيا أو من وراء البحر، مالي أيــده ورجليه ومطمئن على اآلخـر، ألن قرايبه ينتظرونه هنا يجيب الغلة ويستثمرها براحته»، لقد باع كل ما يملكه هناك وجـاء ليضع تحويشة عمره بأيد أمينة، هو سيدفع رأس املــال كاما ليكون كل شـيء باسم قريبه املتجنس، وهـذا األخير سيسلمه عنقه مع األوراق التجارية والشيكات املوقعة على بياض حتى يستطيع تسيير الشغل دون الرجوع له، وأحنا يا غافل لك الله، حتى الفتات ال نجده، فا ضرائب على دخلهم وال رسوم مفروضة على تحوياتهم املالية البالغة سنويًا مليارات الرياالت!! وأنـا دائمًا أسـأل نفسي: وش اللي يخلينا ننادي واحـد جاء من آخر الدينا ونقوله (يـا صديق)، أثاريه صديق فعا لبعض الناس ومن جماعة واحدة، بل إنه في مقام عديل الروح، فلوال العاقة املتينة التي تربطهما ما استطاعوا أبدًا تكوين هذه األرصدة وااللتفاف على أكثر األنظمة صرامة، فنظام التستر التجاري يفرض على الجاني غرامة مليون ريــال والسجن والتشهير واإلبــعــاد مـن الـبـاد، ونـظـام العمل يصل الجزاء فيه عن كل مخالفة ملئتي ألف ريال انتهاء بشطب السجل، أما نظام الجنسية فينص على سحبها ممن تم سجنه أكثر من سنة نتيجة ألي عمل يمس الشرف واألمانة. أعتقد املسألة باتت مكشوفة اآلن، ولم نعد بحاجة النتظار وقوع مفاجأة، تتمثل في نشوب خاف حاد بني طرفي التستر حتى يغدر أحدهما باآلخر، فيعترف املتجنس بـأنـه املــالــك صــوريــًا للبقالة أو يـقـر املـقـيـم بـأنـه صاحبها الحقيقي مـن الـبـاطـن، لقد أصبح مـن الــضــروري تتبع حسابات كـل املجنسني إلــى جانب حسابات أقربائهم املقيمني ومساءلتهم عـن أسـبـاب تلك اإليداعات والحواالت املتبادلة بينهما شهريًا، مع إخضاعهم للرقابة إن اسـتـدعـى األمـــر ذلـــك، وإال فليتم إفــســاح املــجــال لـنـا جميعًا حتى نسترزق من وراء هذا التستر املربح، وكل ما علي فعله أن أستبدل امليم بالباء في هذه (املقالة) الصغيرة!؟