خر يا مطر خر
كل موسم أمطار ولنا ضحايا، ضحايا بشرية ومادية، نتذكر تــلــك الــخــســائــر مــع أول غـيـمـة أو مــع أول نـحـنـحـة تــصــدر من األرصــــاد مــحــذرة مــن هـطـول أمــطــار (رغـــم أن توقعاتها مشي حالك مرة تصيب والباقي من عندها).. هــذه الـذكـريـات املـأسـاويـة تـشـارك فـي صياغتها جميع مدننا الـعـظـيـمـة، وأول اســتــفــتــاح لــهــذه املــــدن فــي هـــذا املــوســم كانت مدينة أبها التي استيقظت على صفارات اإلنذار وكأنها مدينة معزولة لم تدك مداميكها بمليارات الرياالت كلفت الدولة عبر ســنــوات طـويـلـة، وكــانــت النتيجة أن يتصايح املــســؤولــون أن البنية التحية لم تستكمل بعد! هــل هـــذا مــنــطــق؟ فــكــل مــدنــنــا تــم إرســـــاء أســســهــا مــنــذ عشرات السنوات، وما صب فيها من أموال يكفي إلرساء البنية التحتية لبحر الظلمات على اتساعه وعمقه... إذن، ال نريد هذه األعذار، وابــحــثــوا عــن الــســبــب الـحـقـيـقـي خــلــف عـــدم اســتــكــمــال البنية التحتية، فمن املـؤكـد أن جـل املشاريع املقامة -فــي كـل مدينةلم تكن وفق املقاييس واالشتراطات.. دعونا من هذا، ولنلتفت إلى الجهة املقابلة وهي اإلنسان، فلألسف الشديد أن املواطن لـديـنـا لــم يـتـم اسـتـكـمـال بنيته التحتية أيــضــا، أقـــول البعض منهم لديه انهيارات متتالية في عـدم الفهم واالعتبار، ولوال تلك االنــهــيــارات فـي الـوعـي بمخاطر األمــطــار وتـدفـق السيول بكل قوة ملا رأينا تلك املناظر املؤسفة التي يذهب ضحية لها األعداد الكبيرة.. وللحقيقة فإن إدارة الدفاع املدني (طفشت) من تكرار التحذيرات مع كل موسم لألمطار وتوصيتنا بالبقاء في منازلنا، وعدم اخـتـراق السيول، ومـع ذلـك مـازالـت البنية التحتية لوعينا لم تؤسس بالشكل الجيد. والدليل أن بنيتنا التحتية لم تؤسس من خالل مراحل التعليم، فلتنظروا إلى إدارة تعليم عسير التي بلغتها تحذيرات األرصاد الجوية بأن مطرا غزيرا سوف يجتاح سماء مدينة أبها، ومع ذلك لم يتم تعليق الدراسة (فالتعليم مقطع بعضه)، أال تعلم إدارة تعليم أبها أن وصـول الطالب إلى مدارسهم أو كلياتهم هــو وصـــول شـكـلـي فـــإن بــقــوا فـهـم ال يـــدرســـون، وإن تــم إفراغ الوصول منهم، فانظر كم من حوادث تنتظر الكثير منهم.. يـبـدو أن مشكلتنا الحقيقية هــي البنية التحتية هـــذه، فهي معضلتنا فــي الــبــنــاء، ســـواء كــان الـبـنـاء خـرسـانـا أو إنسانا.. وسالمتكم.