Okaz

ميني مييننا.. وميني ميينهم..؟!

-

نـخـتـتـم حــديــثــ­نــا عـــن الـــتـــي­ـــارات الــفــكــ­ريــة الــســيــ­اســيــة املختلفة بــالــتــ­ذكــيــر بـــوجـــو­د «وســيــلــ­ة» مـبـسـطـة جـــدا لـتـصـنـيـ­ف سلوك الناس وتوجهاتهم، بناء على مدى محافظتهم، أو رغبتهم في «التغيير»... تتمثل في مستقيم تقسيم التوجهات الفكرية ثالثي األبعاد... الذي ينقسم إلى ثالثة أقسام متساوية (يمني، وسط، يسار)... بحيث يشغل كل قسم ثلث مساحة الخط املستقيم. وعـــادة مـا يـكـون «الـيـمـني» املـتـطـرف (يـمـني الـيـمـني) الـقـابـع فـي أقـصـى الثلث األيمن، متشددا، ال يقبل الـرؤى املخالفة له، مؤمنا بتفوق الفكر و«العنصر» الـــذي ينتمي إلــيــه... مطالبا بــالــعــ­ودة إلــى التقاليد الـقـديـمـ­ة املـحـافـظ­ـة جدا، ومؤكدا على ضــرورة التمسك بمعتقده في صورته املتطرفة، واالنـطـال­ق من تعاليمه أحيانا لسيادة العالم، وفرض تلك القيم (على «الكفار» بها) ما أمكن. واليمينيون املـتـشـدد­ون يـتـواجـدو­ن فـي كـل مجتمع، وكــل ثقافة. ومعظمهم (أينما كانوا) ينظرون إلـى العالم من منظار التشدد، ويعتبرون كل من هو مخالف لهم ضدهم... يحسبونه شريرًا، تجب محاربته، وحتى إشهار السالح ضده؟! فـ «السالح» لدى معظمهم، هو األداة املفضلة لفرض ما يريدون، على الغير... لهذا، كثيرا ما يصطدمون باآلخرين، وتوصف عقيدتهم بأنها«فاشية»، وسلوكهم إقصائي، وأيضا إرهابي...؟!

*** نــــعــــ­م، الـــيـــم­ـــيـــنــ­ـيـــون األكـــــث­ـــــر تـــــشـــ­ــددًا وتطرفًا يؤمنون بالتفسيرات املتطرفة واألكـثـر تحجرا لــتــعــا­لــيــم عــقــائــ­دهــم، ويــمــيــ­لــون لــلــعــن­ــف، عكس الليبرالين­ي الـذيـن يصنفون بأنهم أهــل اليمني املـعـتـدل والــوســط، املــؤكــد­ون على مـبـدأ الحرية لــهــم ولــغــيــ­رهــم، والــغــال­ــب عــلــى فــكــرهــ­م الطابع الـبـراغـم­ـاتـي... إذ دائـمـا مـا يــرون أن «مصلحة» بالدهم وأمتهم يجب أن تكون فـوق أي اعتبار أيديولوجي أو عقائدي. ومعروف أن التيار الليبرالي (الـوسـط) في العالم، بصفة عامة، وفـي الغرب على وجه الخصوص، هو األكثر انتشارا. ومازال األقوى، رغم تصاعد التوجه اليميني املحافظ. أما يمني اليمني املتطرف فما زال هو األقل انتشارا وشعبية. ومـعـروف أن دساتير معظم دول العالم «علمانية»... أي أنها ال تنص على: االلـتـزام - في التشريع- بتعاليم ديـن معني. ومـع ذلــك، يلعب الدين املسيحي دورًا بـارزًا في السلوك السياسي الغربي الفعلي، الداخلي والخارجي. ويندر أن يشرع الساسة الغربيون أمرًا يخالف املسيحية صراحة. وينادي اليمينيون الدينيون املتطرفون، في بعض البالد املسيحية، بـ «تمسيح» دساتير بالدهم. والبعض منهم «أصوليون» غالة. ورغم هذا، فإنهم ينكرون «أصولية» غيرهم، من املخالفني لهم. *** ولعل من أبرز تنظيمات يمني اليمني املتطرفة الغربية حاليا هي: جماعة «كو كالكس كالن» ( ‪.)Ku Klux Klan‬ وهي عبارة عن عدد من التنظيمات العنصرية املؤمنة بتفوق العنصر األبيض، ومعاداة ما عـداه، خاصة امللونني والجنس الـسـامـي، واملسيحيني الكاثوليك. وقــد تأسست أقدمها فـي الـعـام م1866 في واليــة تينيسى األمـريـكـ­يـة. ويطلق عليها اخـتـصـارا )KKK( وأصبحت أكثر ظـهـورا منذ الـعـام .م1915 ووصــل عــدد أعضائها فـي بـدايـة الـقـرن العشرين حـوالـى ستة ماليني عضو. ولكن هــذا الـعـدد انخفض بشدة بعد ذلــك، ليقدر مؤخرا ببضعة آالف فقط. وأعـضـاؤهـ­ا يـرتـدون جالليب بيضاء واسـعـة وطويلة تغطي كـل أجسامهم، وأقنعة ال تظهر سـوى عيونهم. وتلجأ هـذه التنظيمات للعنف واإلرهاب... مـرتـكـبـة جــرائــم بـشـعـة ضــد مــن تــعــاديـ­ـهــم. وقـــد صـنـفـت كـمـنـظـمـ­ات إرهابية محظورة بموجب القانون األمريكي.

*** وفي عاملنا العربي واإلسالمي، توجد في معظم بلدانه - كغيرها من البلدان - كل هذه التيارات، وهذه التقسيمات. ومؤخرا، ظهرت فيه تيارات يمني اليمني املتشددة وبالغة التطرف. ومن املؤسف أن هذه التيارات ترفع شعار اإلسالم... زاعمة أنها تمثله، وهو منها براء. فاإلسالم هو دين الوسطية واالعتدال، ال دين التطرف والتحجر والعنف. لذلك، فإن من املناسب أن نصف هذه الجماعات بـ «اإلسالموية»، وليس اإلسالمية. وأبرز هذه الجماعات اآلن: تنظيما «داعش»، و«القاعدة» وغيرهما. «داعــش» هو حاليا األخـطـر، واألكـثـر تمكنا ونـــفـــو­ذا وســيــطــ­رة عــلــى األرض، لــدرجــة أنه يدعي أنه «دولــة». فهو يسمي نفسه «تنظيم الدولة اإلسالمية في العراق والشام»، ويرمز له بـ «داعـــش». وتحيط الشكوك بقيام ونمو وتوسع هذا التنظيم اإلرهابي (اإلسالموي) الـذي نشأ في محافظة األنبار التي تسكنها غالبية سنية. وظهر، أول ما ظهر، عام 2013 م، في مدينة «الفلوجة» أثناء ما سمي بـ «انتفاضة املحافظات الغربية» (األنبار، نينوى، صالح الدين، ديالي، كـركـوك). وأصبحت الفلوجة أول مدينة يسيطر عليها هـذا التنظيم، ومنها أعلن عن إقامة ما يسمى بـ «دولة الخالفة اإلسالمية».

*** فـي الـغـرب بعامة يسمحون بقيام أحـــزاب سياسية تعتنق مــبــادئ... تندرج في كل التقسيمات الثالثة، وفق أنظمة غالبا ما تستبعد أحزاب يمني اليمني، ويسار اليسار. وفي معظم عاملنا العربي هناك فوضى حزبية... تتيح للتيارات األكثر تشددا وإرهابا التواجد بقوة، وبالقوة، في كثير من املناطق.

 ??  ??
 ?? صدقة يحيى فاضل sfadil50@hotmail.com ??
صدقة يحيى فاضل sfadil50@hotmail.com

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia