Okaz

أنت لست آمنا في حياتك!

- عبده خال Abdookhal2@yahoo.com

لم يعد هناك أحد آمن على خصوصيته، فكلما تقدمت التقنية ازداد الكشف وغدا اإلنسان عاريا. فهل العري هو أصل األشياء؟ ال أعتقد ذلـك، فـاألديـان لم تـأت لستر العورة الجسدية فقط بل سعت إلى ستر النفس جسديا ونفسيا وأخالقيا. ويبدو أن الحث على حسن الخلق جاء لتشذيب األنفس الوعرة واملنخفضة أخالقيا. ولدينا تعاليم دينية تسن العالقات وتمنع انتهاك الخصوصية بني األفراد سواء كانوا آباء أو زوجات أو أبناء إال أن هذه التعاليم غدت من األوامر والنواهي غير املطبقة في حياتنا اليومية. وقد سبق وأن تحدثت عن السلوك األخالقي الذي صاحب هذه التقنية حتى أصبح املرء غير آمن في بيته وعمله من أن تهتك أسراره، وذكرت أمنية أن تدخل األحكام القضائية كرادع للصد عما يحدثه البعض من هتك لألسرار الشخصية. وتطالعنا أخـبـار تفشي هتك الحياة الخاصة والعامة فـي كل لـحـظـة، هــذا الـكـشـف لــم تـوقـفـه األوامــــ­ر اإللــهــي­ــة، وألن الطبيعة اإلنــســا­نــيــة تـــرتـــد­ع بــمــا يـصـيـبـهـ­ا مـــن أثـــر مــبــاشــ­ر انــتــبــ­ه لهذه الخصلة الصحابي عثمان بن عفان عندما قال: «يزع بالسلطان ما ال يزع بالقرآن». وأجـد أن الحياة في زمنيتها الراهنة لن تستقيم في كثير من مـنـاشـطـه­ـا الـحـيـاتـ­يـة إال مــن خـــالل مــواصــلـ­ـة ســن الــقــوان­ــني في مستويات العالقات اإلنسانية، وأيضًا نشر العقوبات التي نص عليها قانون مكافحة الجرائم اإللكتروني­ة الذي يعاقب االعتداء على خصوصية األشخاص باستخدام تكنولوجيا املعلومات. ولو تمت إشاعة عقوبة هذا االعتداء لربما ساهمت في التقليل مما هو حادث بواسطة وسائل التقنية الحديثة وألنها وسائل جـــاءت مــن ثـقـافـة أخـــرى تـحـمـل قيمها وقـوانـيـن­ـهـا لــم نستطع التعامل معها وفق ثقافتنا. ومنذ ظهور وسائل التقنية الحديثة ونحن نعيش انتهاكات صارخة لم تعد فيها الخصوصية مصانة إزاء انحسار القيم األخالقية عند البعض واستبدالها بـإجـازة حق االعـتـداء على اآلخرين بأي قول أو فعل يتم من خالل تلك الوسائل فانتشرت الـتـهـم بجميع صــورهــا حـتـى اخـتـلـط الــصــدق بــالــكــ­ذب وغدت الصورة مشوهة. وحني تفتح نافذة التجسس على اآلخرين فلن يكون هناك أمان ألي خصوصية وبالتالي تفشي الفرقة والشقاق. وفي ظل املجتمعات املتداخلة يكون القانون هو السيد القادر على ضبط تلك العالقات. وال نــرغــب بــالــقــ­ول إن األخــــال­ق انــهــارت بـسـبـب وجـــود وسائل االتـــصــ­ـاالت الـحـديـثـ­ة وإنــمــا الــقــول إنــهــا عـجـلـت بـسـرعـة جعل الــقــانـ­ـون هـــو ضــابــط األخـــــا­لق فـيـمـا بـــني األفــــــ­ـراد، وهـــو امللجأ لصيانة الحقوق والواجبات، وألن الكثيرين ما زالـوا يعيشون على استعادة الحقوق بـ«حق العرب» عندما يقترفون انتهاكا عاما أو خاصا فلن يجدوا متسعا لـ«حب الخشوم»، فالقانون يردع كل من هم خارج الزمن.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia