فلنترفه قليال!
عــنــدمــا انـطـلـقـت هـيـئـة الــتــرفــيــه نــالــت نصيبها الـكـبـيـر مــن الـســخــريــة والــنــكــات، فــهــنــاك مــن «لم يفهم» مغزاها ومعناها وهناك من سخر أساسا من الفكرة لقناعته العميقة أنه ال يوجد فائدة وال رجاء من طرح كـهـذا. ولكن الـيـوم ومــع التحول التدريجي مـن حالة الحديث عن فعاليات الترفيه ومدى «إمكانية» حدوثها وتحولها إلى حقيقة وصــوال إلــى حالة الحديث عـن فعاليات انطلقت فعال وتمت جدولتها بتواريخ وأماكن وبطاقات معروضة للبيع. الــتــرفــيــه أصـــبـــح واقــــعــــا. لــيــس ســــرا وال خــافــيــا عــلــى أحــــد أن السعوديني كانوا ينشدون الترفيه خارج بالدهم ألن خيارات الترفيه محليا محدودة للغاية هـذا إن وجـدت أصـال. وتحمل السعوديون العديد من التعليقات الساخرة والحادة واملؤملة، أن بالدهم جادة وجافة أكثر مما يجب، وأن الوجوم والغلظة سمة الناس وأنهم متجهمون وال يبتسمون، كل هذه التعليقات كــانــت تــأتــي مــن زائـــــري الــســعــوديــة أو مــن مــواطــنــيــهــا، وبات الحديث متواصال عن «سارقي البسمة» و«زارعي الكآبة» عند الـسـعـوديـني وتـرجـمـة هــذا األمـــر هــو الــعــدد الـهـائـل مــن رحالة الــســعــوديــني إلـــى كــل بــقــاع الــعــالــم بـحـثـا عــن الــتــرفــيــه واملتعة العائلية، حتى باتت دول الجوار تستفيد أقصى االستفادة من القصور املـوجـود في خـيـارات الترفيه واستغلت ذلـك تجاريا واقتصاديا وجنت الفوائد بأشكال معظمة. الترفيه ليس فقط مسألة بسيطة وساذجة كما يحاول البعض أن يــــروج لــهــا، نـحـن مـطـالـبـون بــالــتــرويــح عــن الــقــلــوب أصال، والـخـيـارات املقدمة تـراعـي عــادات وتقاليد املجتمع فـي املقام األول، وخـــيـــارات الــتــرفــيــه تـكـسـر حــواجــز الــجــمــود والجالفة والتجهم والحذر املبالغ فيه بني أبناء الوطن الواحد وتكسر حواجز الرهبة والخوف والشك والقلق والريبة وتــزرع الفرح واالبتسام والتفاؤل وتوسع اآلفاق واإلدراك وتزيد من االطالع واملعرفة بشكل جميل وبـريء وإبداعي خالق. وهي بها أيضا جوانب ذات عوائد اقتصادية الفتة ومهمة للغاية، فهي صناعة متكاملة ومنافذ استثمارية كبرى ومجال للتوظيف بأعداد هـائـلـة، وفيها إمكانية جلب اسـتـثـمـارات عاملية بشكل سريع وفعال. هناك دول مثل اإلمارات العربية املتحدة ومملكة نيبال اللتني وضعتا منظومة إدارية بمسمى «السعادة» الغاية منها تحقيق السعادة للمواطن واملقيم والزائر، وتم استحداث مؤشر لقياس السعادة لهم. أمريكا وضعت بندا عبقريا في الدستور الخاص بها وهو حق املواطن في السعي للسعادة. الـتـرفـيـه بمفهومه فــي الـسـعـوديـة الــيــوم لـيـس مــجــرد عروض مـسـرحـيـة وكــومــيــديــة وحــفــالت مـوسـيـقـيـة ولـكـنـه حـمـايـة حق املواطن في االبتسام والفرحة بالتفاؤل دون خدش للحياء وال مساس بالدين وخصوصا أن هذه املسألة مباحة في كل العالم اإلسالمي بدون أي استثناء. فلنرحب ونستمتع بانطالقة هيئة الترفيه. طال انتظارها وآن أوانها.