أوهى من بيت العنكبوت

قـبـل أكــثــر مــن عـــام، اجــتــاحــت الــتــظــاهــرات مـــدن الــعــراق فــي وســطــه وجنوبه احتجاجا على سياسات حكومات املحاصصة الطائفية منذ عام 2003 وفشلها فـي إدارة الـبـالد والـفـسـاد، الــذي استشرى فـي كـل مفصل مـن مفاصل الدولة والقضاء املسيس الفاسد، وتقصير الحكومة التي سبقت حكومة العبادي في الـدفـاع عن الـعـراق، وتسليم أكثر من نصف البالد لتنظيم الـدولـة اإلرهابي، ولم يهدأ الشارع العراقي إال بعد قيام القوات العراقية بالهجوم على الفلوجة والـرمـادي تحت شعار مكافحة اإلرهــاب، في محاولة منها المتصاص نقمة الشعب وتحويل األنظار عن الكارثة التي تلحق بالعراق جراء جشع الفاسدين واستمرارهم في نهب ثروات البالد، إلى الحد الذي أصبح فيه العراق الغني من أفقر بلدان العالم، وتنتشر فيه األمراض واملجاعة واألمية والتخلف، وهو الذي أعلنت األمم املتحدة عام 1979 خلوه من األمية تماما. اعتقد نظام املحاصصة الطائفي املقيت أن إلـهـاء الشعب العراقي بالحرب على داعـش يمكن أن يستمر إلى ما ال نهاية، واستغل الظروف الجديدة في تعزيز قدرات امليليشيات الطائفية وتسليطها سيفا على رقاب الشعب، ولكن التظاهرات الجديدة التي امتدت في كل مدن الفرات األوسط والجنوب العراقي أكدت أن الشعب العراقي ال يمكن أن يسكت على الفساد والظلم وال يمكن أن يقبل أن يكون العراق من حصة النظام االيراني. عشرات الشهداء سقطوا ومئات الجرحى نزفوا وهم يواجهون أجهزة القمع على أبــواب املنطقة الخضراء التي يتحصن بها جـالدو الشعب في تصعيد جديد وإنــذار واضــح لطغمة الفساد الفاشلة التي حولت الـعـراق إلـى ساحة دمـار تعبث بمقدرات الشعب فيها امليليشيات الطائفية املدعومة من ماللي طهران. يومًا بعد آخـر يثبت املتشبثون بالسلطة أن سلطتهم ومكاسبهم أوهــى من بـيـت الـعـنـكـبـوت، وهــي لـهـم أهــم مــن نــــداءات شعبهم ودمـــه املـــراق فــي طريق اإلصــالح، ويثبتون أنهم ال يستحقون حكم البالد وإدارتها ألنهم استهانوا بمعاناة الشعب الطويلة وبمطالبه الحقة من أجل حياة كريمة ينعمون فيها بخيرات بلدهم وأمنه وأمانه. كاتب وإعالمي عراقي مقيم في لندن