Okaz

ليتني سجني في احلائر!

- عبده خال Abdookhal2@yahoo.com

قرأت التقرير الذي كتبه حبيبنا وأستاذنا الدكتور عثمان الصيني يوم أمس تحت عنوان «في سجن الحائر عتاة ومترددون ومغررون». وألن الـتـقـريـ­ر اتـخـذ الــســرد وسـيـلـة إلظــهــار مــا الـــذي يـحـدث فــي سجن الحائر ونوعية املساجني وتعددت مستوياتهم الفكرية فتمنيت -فعالأن أكـون من ضمن املجموعة التي تمكنت من الوقوف على أنـاس منا بغوا علينا، واألمنية التي داهمتني ليست وليدة قراء ة تقرير الدكتور الصيني بــل هــي أمنية قديمة ارتـبـطـت بسجناء غـوانـتـان­ـامـو وكيف يمكن لي أن أكتب رواية من فم أحدهم ووفق قناعاته ودفاعه عن تلك القناعات. وأتفق مع الدكتور عثمان أن الكثير من الحقوقيني ووسـائـل اإلعالم الغربية تكون زياراتهم للسجن مستهدفة النتيجة من غير ســؤال أو جواب ومقتصرة على ثالثة أمور: «ارتباط الوهابية باإلرهاب، وفتاوى التكفير، وانتهاكات حقوق اإلنـسـان»، ومـا عـدا ذلـك ليس مهمًا البتة، واملمتع في التقرير ذلك التصنيف لفئات املتهمني أو املحكوم عليهم لفصل نوعية األفكار التي يحملها املساجني، إذ إن املرء ما هو إال فكرة متى ما آمن بها كان وجوده الحركي في الحياة. وألن الفئة األولـى تم تصنيفهم على أنهم أشـداء عتاة ال يزالون كفارا بما نؤمن به وما زلنا كفارا بما يؤمنون به «كون الكفر غطاء وليس يقينا أو شكا»، وهي الفئة التي يستوجب الوقوف معها كثيرا، وأظن أن حل معتقدات هذه الفئة ليس بأيدي لجنة املناصحة بل باستحضار التجارب املماثلة فـي جميع أنـحـاء العالم العربي ليقدموا تجاربهم لهذه الفئة من غير نصائح أو توجيه فقط إعادة «سرد» تجاربهم وما هي العوامل التي أدت بهم إلى تصويب أفكارهم.. وخطورة هذه الفئة إذا كانت نية محاربة الدولة واملجتمع راسخة ال يزعزعها ما يقال أو يعري القناعات بالحجج الدامغة تكون الخطورة إيـهـام املتناظرين باالقتناع والخروج إلحداث إرهاب مسلح، وأعتقد أن هذه الفئة سوف تموت على ما هي عليه من إيمان راسخ بتكفير املجتمع والدولة، إذ إن قناعاتهم لم تحدث لها أي مناقشة أو زعزعة ملا تم تأسيسه من قواعد ال تزال هي الحقيقة الناصعة في أذهانهم. وإذا كانت الفئة الثانية هي املترددة واملمسكة بالفكرتني معا (إضمار نية اإلرهاب والقابلية للحوار) سوف تكون هي الفئة الناجية من براثن األفكار املغلوطة، فقط تحتاج ملن تثق به ممن كانوا أساتذة ووعاظا لهم (املحرضني األوائل) وهنا يمكن االستعانة برجال الصحوة الذين خرجوا بأنفسهم من أفكارهم القديمة.. وهـؤالء املحرضون األوائـل لم يـقـدمـوا على االعــتــذ­ار للمجتمع وألتـبـاعـ­هـم بأنهم كـانـوا على خطأ، وبـاعـتـذا­ر املـحـرضـن­ي يمكن للفئة الثالثة الـتـي أورد الـدكـتـور عثمان أنهم يمثلون %60 من سجناء الحائر سوف يقلعون عن أفكارهم التي وصلت إليهم بفعل هوجة التحريض.. أما ما ذكره التقرير من معاملة مرفهة فأنا تراودني أحيانا الرغبة في أن أكـون أحـد نـزالء سجن الحائر غبطة بما يجدونه من عناية، األمر الــذي يجعل املــرء يفكر أحيانا كيف لـو أنــه كــان مـن ضمن املحرضني في أيام الصحوة! نعم فأنا كتبت الروايات واملقاالت من أجل أن يكون اإلنسان إنسانا، ولم أحظ إال بالشتائم والتهم، بينما يكون أحد سجناء الحائر منعمًا ال ينقصه شيء، فقط هو داخل سجن يمارس كل حياته بما لذ وطاب حتى النكاح فيه تعددية!. أليس من حقي أن أقول ليتني كنت سجينًا من سجناء سجن الحائر؟.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia