Okaz

ألف «ريا وسكينة» في السعودية

- خالد صالح الفاضلي Jeddah9000@hotmail.com

يتموضع بيت «ريــا وسكينة» بـن «مـركـز شـرطـة الـلـبـان» و«مسجد سيدي عماد»، ولم يمنعه موقعه من تسجيل جرائم قتل متسلسل ال تــزال مؤثرة في وجــدان وجــدران مدينة اإلسكندرية منذ عـام ٠٢٩١ ميالدية. تم بالطوب األحمر إغالق نوافذ بيت «ريا وسكينة» وبالحديد بابه، بعد أن تم إعدام (ريا، سكينة، حسب الله، وعبدالعال)، وتحول اسم منفذ حكم اإلعدام «عشماوي» إلى عالمة رمزية لكل السجون، واملشانق. كنت أعتقد أن «ريا وسكينة» مسرح وسينما، فنفت شوارع حي اللبان في اإلسكندرية بـرسـومـات، لـوحـات، ثـم مقهى مسنودة كراسيه على جــدار «بيت الجريمة»، تحت خيمة تحمل صــور كتيبة املــجــرم­ــن، ووثــائــق عــن محاكمتهم، بينما كــل «كهول املقهى» وصبيانه يتسابقون ملنحك تفاصيل لم تسمعها من (شادية، ومدبولي). تكاثرت التفاصيل، وجميعها مهم جـدًا، فبيت حي اللبان واحـد من أربعة بيوت تحولت إلى مقابر لضحايا «ريا وسكينة»، لكن عندما لف عشماوي حبل املشنقة حول عنقيهما، لف سؤال كبير حول أعناقنا (ملاذا لم يمنع مخفر الشرطة، واملسجد حدوث كل هذه الوحشية؟). يــأخــذ اإلرهـــــ­ـاب، والــخــال­يــا الــنــائـ­ـمــة، والـــدواع­ـــش الــجــدد صــــورًا مــتــطــو­رة مــن «ريا وسكينة»، فال مسجد وال مخفر مانعًا لنواياهم نحو تنفيذ جريمة، وال غرابة في أن انتحاريي املساجد سوف يمنحون أساتذة علم االجتماع والنفس أوقاتًا صعبة في محاولة فهم، عدم قدرة أول الصالة على منع جريمة تقع في آخرها. يصعب إثبات قدرة املسجد على منع وقوع جرائم جنائية، وال يوجد له دور بعد حدوثها، بينما املخفر إذا فشل في منع وقوع جريمة، يالحق أهل الجريمة، فينتج عنه منعهم من تكرارها، ومنع غيرهم من تكرارهم، لذلك نخلص إلى أن املخفر أقرب ملكافحة «ريا وسكينة». كان ثمة اعتقاد بأن «املسجد» صانع مشارك في اإلرهـاب، وبالتالي ذهبوا يرجون مسجدًا منع «أهل اإلرهاب» من تنفيذ جريمة، وبما أن املسجد لم ينجح في منعهم، فالنتيجة واضحة (املسجد ليس شريكا في صناعة اإلرهاب) ملاذا؟ تمهل أثناء قراءة الجواب: ألن كل إرهابي يعيش دومًا داخل مشروع تنفيذ جريمة، لكن الضحايا ال يتواجدون في مسرح الجريمة في الوقت املناسب، فهو مخلوق متجه إلــى تنفيذ جريمته، فـي الطريق عثر على كـل تعريفات هويته الشخصية (مسلم، سعودي،... الخ). كان -وال أعلم ملاذا- محزنًا عدم رؤية -ولو بقايا- من مخفر حي اللبان، فلقد اندثر البناء كله، بينما بيت «ريــا وسكينة» متربع على ناصية املـكـان، ويستمع يوميًا خمس مرات لصوت جاره القريب «مسجد سيدي عماد».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia