Okaz

الدفن في مسقط املوت

- عبير الفوزان abeeralfow­zan@hotmail.com

توفي الشيخ الضرير عمر عبدالرحمن في أمريكا، وبناء على وصيته سيحمل جثمانه من القارة األمريكية ليدفن في مسقط رأسه، فـي مدينة الجمالية إحــدى مــدن محافظة الدقهلية، والـتـي تقع فـي الشمال الشرقي من جمهورية مصر العربية. يلتمس املرء -أحيانا- العذر ألهل امليت إزاء رغبتهم امللحة في أن يلقوا النظرة األخيرة على جثمان مسجى لعلهم يلتمسون منه رضــــا، أو لــكــي يـتـيـقـنـ­وا مـــن مـــوتـــه، ولكن عليهم أن يـعـلـمـوا أن هــذا الـجـثـمـا­ن الذي كـــان لـعـزيـز عـلـيـهـم ظــل فــي ثــالجــة املوتى أليـــام عــديــدة، قـبـل الـرحـلـة الـشـاقـة لخاليا ميتة بعد أن اكتسى الجثمان بكيس أسود بالستيكي، وربما أحيط به ثلج في تابوت خــشــبــي تـــم حــمــلــه عــلــى إحـــــدى الطائرات املــــدنـ­ـــيــــة الــــتـــ­ـي حـــمـــلـ­ــت مـــعـــهـ­ــا مسافرين متجهن إلى بلدانهم والحياة! فـــي طــفــولــ­تــي كـــانـــت لــــدي صــديــقــ­ة، تهيم حبا بجدها الــذي أصـيـب بـمـرض عضال، فأخذته العائلة إلــى لندن ليتلقى العالج هناك، لكن الجد املؤمن والشيخ كما كانوا يـسـمـونـه، أســلــم الــــروح هــنــاك، وبــنــاء على وصيته دفن في مقابر املسلمن في إحدى ضواحي لندن. حكاية جد صديقتي تطرأ على ذهني كلما حمل جثمان من قـارة إلـى قــارة، وال أنسى الدعاء له، حد أنه صار لي قدوة فحيث ما يـدركـنـي املـــوت يـكـون قـبـري فـيـه، ال أجشم املحبن عناء جثماني. جثمان الشيخ الضرير عمر عبدالرحمن يمر هذه األيـام بكثير من اإلجـراء بن قنصلية جــمــهــو­ريــة مــصــر الــعــربـ­ـيــة فـــي واشنطن، وإدارة الــســجــ­ون فــي أمــريــكـ­ـا، ووساطات عـــدد مــن رمــــوز الـجـمـاعـ­ة اإلســالمـ­ـيــة التي كان الشيخ عمر عبدالرحمن أميرها، وذلك لتسريع نقل الجثمان قبل أن يتحلل. فـــي مــعــمــع­ــة نــقــل الــجــثــ­مــان هـــنـــاك حيص وبــيــص أشــبــه بمسرحية تـراجـيـدي­ـة حول الـــنـــق­ـــل واالســـــ­تـــــقـــ­ــبـــــال، فـــــــــ­ــإدارة السجون األمريكية ال مانع لديها في نقل الجثمان إلــى مـصـر، أو قــطــر.. بينما مصر وضعت اشـــتـــر­اطـــات حــــول الـــدفـــ­ن والـــــعـ­ــــزاء، وسط محاوالت أسرة الشيخ التي تود الدفن في الجمالية، مسقط رأسه، وبناء على وصيته كما يدعون. إلـــى لـحـظـة كـتـابـتـي هـــذا املـــقـــ­ال، وجثمان الشيخ عمر عبدالرحمن في ثالجة املوتى، في أمريكا ينتظر الفرج.. ورمـوز الجماعة ينتظرون مجلس العزاء!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia