حفلة موسيقى أم فرصة جلني األرباح

حني ظهر وسم على موقع تويتر يتحدث من أنشأه ومن شاركوا فيه باسم الشعب مطالبني بمنع حفالت الغناء واملوسيقى رد عليه أكثر من وسم يتحدث كل واحد منها باسم الشعب كذلك مطالبني باستمرار حفالت الغناء واملوسيقى، وإذا لم يكن لدى أي من املشاركني في هذا الوسم أو ذاك ما يبرهنون به على أن «الشعب» قد فوضهم للحديث باسمه فإن ما شهدته الحفالت التي أقيمت من إقبال جماهيري كبير والتذاكر التي نفدت للحفالت املزمع إقامتها مبكرا يمكن لها أن تعد مؤشرا واضحا على الرغبة الحقيقية للشعب. تلك مسألة غير أن ما هذا املقال بصدده مسألة أخرى تتعلق بإرادة الشعب كـذلـك، ذلــك أن الشعب الــذي يحترم الـفـن ويـؤمـن بـــدوره في تطوير الـذائـقـة الـعـامـة وتنمية الـوعـي وتـعـزيـز قيمة الـجـمـال، هذا الــشــعــب نـفـسـه مــن حــقــه أن تــحــتــرم رغــبــتــه تــلــك وال تـصـبـح وسيلة البــتــزازه وتحويل بـرامـج الترفيه إلــى ســوق استثمارية يجني من يشرفون عليها ويديرون شؤونها األموال الطائلة على حساب عشق الشعب للفن، سوق للفن مثلها مثل سوق الذهب والبورصة والعقار وبطاقات سوا وغيرها من التجارب التي ما زال ضحاياها يندبون حظهم العاثر بعد أن طارت الطيور بأرزاقهم هم وليس بأرزاقها. ولعل خير مثال على ذلك الحفل املوسيقي الذي سوف يحييه الفنان الكبير عمر خـيـرت واملــزمــع إقـامـتـه فـي جــدة، فقد بلغ السعر األقل للتذكرة الواحدة ألف ريــال، وإذا علمنا أن سعر التذكرة نفسها في القاهرة ال يتجاوز ٠٠٣ جنيه وفي دبي ٠٥٣ درهما، إذا علمنا ذلك عرفنا الفرق بني مؤسسات تعمل على نشر الفن بني الناس ومؤسسات تستثمر الفن لجني األربـاح، وال يمكن لحفل العشاء الذي وعدت به الجهة املشرفة على حفل عمر خيرت الجمهور أن يبرر هـذا الفرق ليس الرتفاع التكلفة فحسب وإنما إللزام الجمهور بدفع قيمته مع التذكرة، وما كان للعشاء أن يصبح إلزاميا في حفالت املوسيقى لوال أن القائمني على حفل عمر خيرت وجدوا فيه مجاال للربح والتكسب باسم الفن واملوسيقى.