بنية ضريبية تعتمد على «الفرد»
تعتمد بعض الــدول على النظام الضريبي ملساعدة املجتمع فـي تـجـاوز مشكالته وتوفير الـخـدمـات من التعليم والرعاية الصحية وتحديث البنى التحتية، وهي حالة يمكن الوصول إليها لكنها تتطلب املرور على إصالحات هيكلية عميقة، أهم ما فيها تحقيق مبدأ العدالة الجبائية وتوزيع األعباء بني األطراف الفاعلة حتى تكون مصدرا للثروات وفرصة تسمح بتوجيه جهود االستثمار نحو القطاعات واألنشطة الــتــي تتحقق مـنـهـا فـــرص الــعــمــل؛ خــاصــة تـلـك التي تكون ذات األجر املرتفع. تــأســيــس الــســيــاســة الــضــريــبــيــة الــصــحــيــحــة تتطلب جعلها منظومة واضحة يتمكن أي مواطن من فهمها، وبالتالي فإن القطع بالشكل املعقول اإليجابي، إضافة إلـــى تـيـسـيـر الــخــدمــات وتــوفــيــرهــا يـمـكـن املواطنني مـن تحمل املسؤولية بالتفاعل اإليـجـابـي نحو هذه السياسة بشكل كبير، إضافة إلى جعل ذوي الدخول املرتفعة يدفعون ضرائبهم بينما يكون الدفع رمزيا وأقــل تكلفة على ذوي الـدخـول املتدنية، هــذا النظام أكثر سهولة، قد يجد صناع القرار في تفعيله جدوى تغني عن برامج الدعم. مــــن الـــــــقـــــــراءات املـــتـــاحـــة عـــلـــى اإلنــــتــــرنــــت مــــا يمكن مــعــرفــتــه عـــن الــنــمــوذج اإلســكــنــدنــافــي؛ حــيــث قدمت الـــدول اإلسـكـنـدنـافـيـة وصـفـة سـحـريـة لـحـل مشاكلها االجــتــمــاعــيــة وأزمــــاتــــهــــا االقـــتـــصـــاديـــة رغـــــم وجود الـــرأســـمـــالـــيـــة، وعــكــســت نــمــوذجــهــا الــــجــــذاب للعالم الــذي هو عبارة عن مزيج فريد من نوعه يجمع بني اقـتـصـاد الــســوق الــحــرة واملـصـالـح االجـتـمـاعـيـة، مما وفر للمجتمع قدرة التمتع بخدمات منقطعة النظير، فـي التعليم والصحة والتأمينات السخية ومــا بعد التقاعد وغير ذلـك، يتضح أن هذه الخدمات تمولها األمــــوال املـدفـوعـة مــن الـضـرائـب وتـديـرهـا الحكومة، فضال على وصول الطرفني -املجتمع والحكومة- إلى درجة من الثقة والتعاون املشترك بالشكل الذي ساعد نظام الضرائب على تحقيق الفاعلية، كذلك تعتمد الـبـنـيـة الــضــريــبــيــة هــنــاك عــلــى الــفــرد بـــدال مــن دخل األســرة، إضافة إلى املساواة بني الجنسني، بحيث إن كـل فــرد يعتبر مشاركا ومــســؤوال بـصـرف النظر عن جنسه، ما حقق نظاما ضريبيا عــادال ومحفزا على العمل ساعد أيضا في اندماج النساء بقوة أكبر في السوق. قبل التصنيع قام االقتصاد على الزراعة التي تقودها األســــرة وقـــد كـنـا كـمـا كــانــوا، إنــمــا بـقـيـت هــنــاك روح العمل الجماعي الذي تسامى عن عقد التمييز وامتلك تاريخا طويال من قيادة شؤونه، فتمكن بالتالي من أن يـكـون إيجابيا فـي اتـخـاذ الــقــرارات الـهـادفـة تبعا للمصلحة الجماعية في الوقت الحديث، عندها اختار الناس دفـع الضرائب طوعا كمقابل ملا يتمتعون به من املنافع، وفق تطبيق قاعدة أساسية وهي الرؤية املشتركة التي تجمع بني املواطنني لتحقيق مصالح املجتمع، لذلك؛ ال غرابة في أن يكون املواطنون هناك هم األسعد على مستوى العالم.