تباطؤ الفساد!
سبق وأن كتبت في هـذه الـزاويـة طالبا أن تحل الهيئة الوطنية ملكافحة الـفـسـاد، وبــاألمــس قــرأت أن الهيئة رفـعـت طلبا للمقام الـسـامـي بمنحها صـاحـيـات جـديـدة تخولها تـأديـة عملها في مكافحة الفساد. وكـانـت حجتي أن وجــود «نــزاهــة» بصفتها الحالية يعد هدرا للمال العام من خال امليزانية التي تنفق عليها من دون أن تقوم بدور مضاعف لألجهزة الرقابية، هذا إن لم يكن وجودها معرقا بيروقراطيا في تباطؤ العدالة الناجزة، وهذه الجزئية تظهر من خال الصاحية التي تنفذها «نزاهة» بإحالة مخالفات الفساد املالي واإلداري للجهات املسؤولة، أي منح املخالفة عمرا مديدا بواسطة إدخـال املخالفة إلى قسم الصادر والــوارد، عندها تقوم «نزاهة» بدور املعقب واالطاع على مجريات التحقيق ومتابعة نتائجه. ولــــو أن «نــــزاهــــة» أســـســـت لـــوجـــودهـــا وجــــــودا فـــاعـــا مـــن خال الصاحيات والقوة التي ولـدت بها والتي منحتها جـواز عبور مفتوح ألن تصل إلـى أي نقطة تكتشف بها فاسدا، وهـذه امليزة تـمـنـحـهـا ســرعــة الــبــت والــقــفــز عــلــى اإلجــــــــراءات البيروقراطية والـتـسـريـع بـإحـقـاق الــحــق، إال أنـهـا فضلت اتــبــاع املـثـل الحركي الشهير «فني أذنك يا .»...احج ومـنـذ أن بـــدأت «نــزاهــة» عملها وهــي تسلك طـرقـا بطيئة لهدر الوقت واملال في متابعة القضايا الضعيفة، ومنذ أن استخدمت املواطن في أن يبلغ عن أي فساد أظهرت عجزها وعدم مقدرتها على استغال امليزة والقوة التي منحها النظام دعما نافذا من خال مرجعيتها املباشرة. ولألمانة لم تفعل «نزاهة» أي أثر متجاوز ملن سبقها من أجهزة الدولة الرقابية في مكافحة الفساد سوى أن وجودها ساهم في زيادة العدد واملشاركة في إعادة العجن. وإذا كانت الهيئة ال تزال تطالب بمنحها الصاحيات الجديدة في استرداد األموال املهربة للخارج فنحن نقول لها قبل أن تستردي األموال املهربة للخارج، فعلي محاصرة الفساد في الداخل. وإذا كانت الدولة تبحث عن ترشيد في اإلنفاق فيجب االلتفات إلى األجهزة والهيئات غير الفاعلة، مثل الهيئة الوطنية ملكافحة الـفـسـاد، فترشيد اإلنــفــاق هــو أدعــى لتقليل هــدر املــال الــعــام في جهات ال تمثل شيئا ذا أثر في بناء منظومة التنمية. وألن الهيئة ظلت بهذا التقاعس أجدني أرفــع التماسا أن تحل الهيئة الوطنية ملكافحة الفساد وتحفيز الجهات الرقابية األخرى أن تواصل مجهوداتها في الكشف عن الفساد.