Okaz

رحل بعد مسيرة طويلة من التفاني في العمل املسرحي

-

املبكي واملؤلم حقا هو أن يد القدر خطفت الرشود وهو لــم يكمل بـعـد الـعـقـد الــرابــع مــن عــمــره، ودون أن تمهله فرصة تحقيق حلمه في تحدي من تسببوا في خروجه من وطنه. ففي مساء يوم اإلثنن املوافق 24 ديسمبر عام 1978 توفي نابغة املسرح الخليجي وهو عائد مـــن املــنــطـ­ـقــة الــشــرقـ­ـيــة فـــي دولـــــة اإلمــــــ­ــارات نتيجة لـتـدهـور ســيــارة كــان يستقلها مــع الـفـنـان الراحل عـبـدالـلـ­ه مـفـتـاح بـسـبـب الــضــبــ­اب الـكـثـيـف، فنقل جثمانه فــي الــيــوم الـتـالـي إلــى بـلـده لـيـدفـن في تــرابــه بعد مـوكـب تشييع حـضـره ولــي العهد ورئــيــس مجلس الــــوزرا­ء آنـــذاك الـشـيـخ سعد العبدالله السالم الصباح وعـدد من زمائه ورفاق دربه. وخــــــــ­ـال إقــــامــ­ــتــــه الــــقـــ­ـصــــيـــ­ـرة فـــــي دولـــــة اإلمارات، التي بالكاد دامت سنة واحدة، أســس هـنـاك املــســرح الـوطـنـي، وأخرج مسرحيتن، واكتشف بعض املواهب املـــســـ­رحـــيـــة الــــشـــ­ـابــــة، وســـــاهـ­ــــم في ترسيخ املقومات املفصلية لحركة مسرحية جادة وخصبة. وكعادة أبناء اإلمارات في الكرم والوفاء فإنهم، بمجرد سماعهم خبر وفــاة الـرشـود بتلك الصورة الـــتـــر­اجـــيـــد­يـــة املــــأسـ­ـــاويــــ­ة، والـــــــ­ــــــــــ­ــذي نـــــــــ­ــــزل عليهم كــــالـــ­ـصــــاعــ­ــقــــة، ســــارعــ­ــوا إلـــى تـخـلـيـد ذكـــــراه من خــــال اســـتـــب­ـــدال فرق مـــــســـ­ــرحـــــي­ـــــة عـــــديــ­ـــدة أسمائها إلــى (مـسـرح صقر الــرشــود) على نحو مـا بدأه (مسرح رأس الخيمة الوطني) الذي غير اسمه إلى (مسرح صقر الرشود في رأس الخيمة). من املسرحيات التي كتبها صقر الرشود: تقاليد، فتحنا، بسافر وبس، علي جناح التبريزي وتابعه قفة، الحاجز، الطن صار سميت. ومن املسرحيات التي أخرجها: علي جناح التبريزي وتابعه قفة، عريس بنت السلطان، الخطأ والفضيحة، األسرة الضائعة، أنا واأليام والجوع، املخلب الكبير، الطن، عنده شهادة، ملن القرار األخير، بخور أم جــاســم، الــدرجــة الــرابــع­ــة، الــــواوي، مـتـاعـب صـيـف، الفخ، األول تــحــول، شـيـاطـن ليلة الـجـمـعـة، بـحـمـدون املحطة (هذه املسرحية الشهيرة أخرجها الرشود في عام 1974 من تأليف صديقه الحميم عبدالعزيز السريع، وتمثيل خالد العبيد ومحمد السريع وعائشة إبراهيم، وهيفاء عــــادل، ومـحـمـد املــنــصـ­ـور، وحــيــاة الــفــهــ­د، وعبدالرحمن العقل، وعبدالله الحبيل)، إضافة إلى مسرحية (حفلة على الخازوق) التي تعتبر من أشهر أعمال الرشود اإلخراجية، وهي مسرحية أخرجها في عام 1975 من تأليف محفوظ عـبـدالـرح­ـمـن، وتمثيل سـعـاد عبدالله ومحمد املنصور وإبراهيم الصال وخالد العبيد وعبدالله الحبيل، وتم عرضها مـن على خشبة مسرح كيفان، ثـم عرضت على مدى ثاثة أيام فوق خشبة مسرح سيد درويش بالقاهرة فــي مـــارس ،1977 كما تــم عرضها فــي مـهـرجـان دمشق للفنون املسرحية في مايو .1977 ومن املسرحيات التي شـارك في تمثيلها: املخلب الكبير، صفقة مع الشيطان، فلوس ونفوس، 1و2و3و4 بم. لقد شاءت اإلرادة اإللهية أن ينتقل الرشود إلى جوار ربه قبل أن يتلقى صدمة أخرى بوفاة ابنه الثالث سلمان الذي كان طفا صغيرا يوم أن مات أبـوه. واملفارقة أن سلمان صقر الرشود توفي في يوليو 2008 بنفس الطريقة التي توفي بها والده. إذ خطفته يد املنون في حادث سير مؤلم، وهو مثل أبيه في ريعان شبابه، وفي أوج تألقه كشاعر ومحرر بمجلة (الديرة) الشهرية الثقافية واالجتماعي­ة، وشاب واعد على وشك تحقيق حلمه بالتخرج في مجال املحاسبة من جامعة الكويت. ونــخــتــ­تــم بـــشـــهـ­ــادة كــتــبــه­ــا الـــكـــا­تـــب املـــســـ­رحـــي املصري الـكـبـيـر ألــفــريـ­ـد فـــرج 1929( ـ )2005 فــي حــق الرشود بالعدد رقم مجلة 43112 من مجلة "كتاب" الصادرة في .2004/11/19 إذ كتب فـرج النص التالي املفعم بالود واإلعـجـاب: "لقد عرفت الفنان الراحل صقر الرشود مدة قصيرة في أثناء إخـراجـه الـرائـع ملسرحيتي علي جناح التبريزي وتابعه قفة للفرقة األهلية للمسرح بالكويت. ومــع قصر مــدة لقائنا أشـعـر أنـنـي عرفته طــول عمري.. وأتــخــيـ­ـل إلـــى الــيــوم أنـــي أعـــرف مـــاذا كـــان مــن املـمـكـن أن يسأله، أو ماذا كان املمكن أن يجيب به على أسئلتنا في ظروف املسرح الصعبة اليوم، لو أننا سألناه. وقليل من الفنانن يجمعهم توارد الخواطر وتلتقي تصوراتهم في نفس اآلفاق، وتتكامل إبداعاتهم في ذات الصيغة الفنية، حتي ليعجب كل منهم كيف تلتقي األنـهـار الـــواردة من بــاد بـعـيـدة لتصب فــي مــجــرى واحـــد لتثريه وتضيف إليه وتتزود منه. صقر الرشود كـان هـذا الفنان، فكانت مـسـرحـيـت­ـي فــي إخـــراجــ­ـه أقــــرب إلـــى نـفـسـي وأكــثــر إثارة مما هـي فـي أوراق كتبتها، دون أن أشعر باغترابها أو أشعر بأني غريب في فصولها. حن شاهدت مسرحيتي بإخراجه أكاد أقول إنني اكتشفتها، قل أعدت اكتشافها، قــل عـرفـتـهـا وأحـبـبـتـ­هـا ووقــعــت فــي غرامها.. فــكــان كل صحفي يسألني: مـا هـي أحـب مسرحياتك إلـى نفسك؟.. أقول: التبريزي وتابعه قفة".

 ??  ?? فريق علي التبريزي ونجوم مصر.
فريق علي التبريزي ونجوم مصر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia