Okaz

تلّطف بك..!

اجلنادرية.. تظاهرة ثقافية عاملية

- عبداهلل عبداهلل العيسائي صفاء عباس

تـــــاريـ­ــــخ طــــويـــ­ـل مـــــن الـــشـــغ­ـــف والحب يجمعنا باملهرجان التراثي والتاريخي الطويل، نقف كل عام في لياليه الحافلة نــلــتــق­ــط صــــــورة جــــديـــ­ـدة تــكــتــب روعة هــذا الــوطــن، وتـشـكـل جـــزءا أصــيــا من ثقافته وتــراثــه، نعم الـجـنـادر­يـة عرس وطني يرسم معالم وتفاصيل املاضي والــحــاض­ــر واملـسـتـق­ـبـل، ويـكـشـف حجم االنـتـمـا­ء الــذي يسكن بـداخـل كـل شخص فينا، ينقل رسالة للعالم تخبرهم أن هـذه األرض بـدأت ببيوت بسيطة، رجـال يكسبون رزقهم تحت أشعة الشمس الحارقة، أطفال تحملوا املسؤولية مبكرًا، ونساء يشاركن في صناعة املستقبل، وطن كامل يكتب تاريخه شعرًا وقصة ويختم مساءاته بأهازيج للمطر والـريـح وحكايات التعب والحب لألرض واإلنسان والعشب. تـحـول الـجـنـادر­يـة إلــى ملتقى وطـنـي أكـثـر نضجًا وتـألـقـًا بـعـد أن بـلـغ دورتـــه الـثـاثـني حـيـث لــم يعد يتوقف عند التراث والفكر السعودي فقط.. بل بات يـعـكـس تــاريــخ وحــضــارة منطقة الخليج. أعــطــى مـلـك الــحــزم والــعــزم خادم الـحـرمـني الـشـريـفـ­ني املــلــك سلمان بن عبدالعزيز املزيد من التوهج للجنادرية مع انطاقته الجديدة، وجــــــاء­ت املـــشـــ­اركـــة الـــواســ­ـعـــة من رجاالت الدولة دليا واضحا على مــا يمثله هــذا الــعــرس الـسـنـوي، إذ بذلت وزارة الحرس الوطني التي تنظم املهرجان سنويًا جهدًا كبير بقيادة األمير متعب بن عبدالله الــذي حـول الجنادرية إلـى تظاهرة ثقافية شاملة تــجــاوزت املحلية وأصـبـحـت حـديـث املهرجانات، وبــوصــلـ­ـة األدبـــــ­ــاء واملــثــق­ــفــني الـــعـــر­ب والعامليني. وبــــاتــ­ــت الـــثـــق­ـــافـــة حــــاضـــ­ـرة بـــكـــل تــشــكــي­ــاتــهــا في املـهـرجـا­ن الوطني الكبير.. فهناك أجنحة خاصة ملعرض للكتاب، ونصيب للفن التشكيلي، وحفات تــراثــيـ­ـة وشــعــبــ­يــة، إضـــافـــ­ة إلــــى تـخـصـيـص لجنة للشعر الشعبي. بكل البراء ة التي تلمع في عينيها وقفت أمامي؛ والــحــيـ­ـرة تـلـتـهـمـ­هـا.. كـــان الـــســـؤ­ال أثــقــل مــن أن يحتمله قلبها الصغير، ابنة أخي ذات السنوات السبع، كـان الـسـؤال يـتـردد فـي ذهنها وتحاول بخجل وضع يدها على فمها لتسكت استفهامها، دنـــوت منها ألنــتــزع هــذا الــســؤال الـغـريـب الذي يــدور فـي ذهنها، فقالت: أنــت تضحكني دائما يــا عـمـتـي، كـيـف بـاسـتـطـا­عـتـك أن تفعلي هكذا دائـــمـــ­ا..؟!! ابـتـسـمـت، دون أن أقـطـع تساؤالتها، فأعقبت حديثها تـقـول: نحن نـفـرح بضحكتك ونحبها ولـكـن أبــي ال يفعل مثلك، ملـــــاذا..؟!! إذا كان هذا طبيعيا فلماذا هم ليسوا مثلك..!! كان مــوقــفــ­ا صـعـبـا أن أحــكــي لــهــذه الـطـفـلـة النظرة املمتلئة بالحياة ماذا يعني أن يضحك اإلنسان، ومــــاذا يـعـنـي أن يــفــرح مــن قـلـبـه ويـسـتـطـي­ـع أن يأسر بهذه الضحكة كل القلوب التي تحيط به. كنت في إحدى الدورات التدريبية مع مجموعة من املشاركني وكنا بحكم جلوسنا جوار بعضنا أصبحنا مجموعة واحدة، كانت عدد أيام الدورة كافية ألن نتعرف على بعضنا بالقدر الكافي، أذكـــــر فـــي آخــــر يــــوم أتــتــنــ­ي هــــذه املــاحــظ­ــة من إحدى الزميات والتي كانت تشاركني الضحك بــروحــهـ­ـا الـلـطـيـف­ـة، وفــجــأة نــظــرت إلـــي وقالت: اإلنــســا­ن الــذي يضحك؛ هـو فقط املثقل بهموم الـحـيـاة ليخفي حــزنــه..!! وإال فـا مـبـرر للحياة حتى نضحك..!! كان املوقف كفيا بأن يصدمني للمرة الثانية على الـتـوالـي، ولــم تكن األخيرة ففي كل مرة أواجـه العالم بالضحك؛ كان هناك فيه مـن يواجهني بالدهشة واالسـتـغـ­راب..!! هل يبدو األمر طبيعيا ومألوفا أن يبتسم اإلنسان، وأن يجد مبر ًرا فقط ليضحك، وإن لم يجد مبر ًرا فعليه أن يتهجم ويصمت..!! هل أصبح النقيض طــبــيــع­ــة وأصــبــحـ­ـت الــفــطــ­رة الــنــقــ­يــة هـــي محط االستغراب..!! كان رسولنا الحبيب عليه أفضل الـصـاة والـسـام أكثر الـنـاس بشاشة وتبسما، وأعــذبــه­ــم نــطــقــا وحــديــثـ­ـا، وهـــل مـنـعـتـه هموم أمته مـن أن يطل على أصحابه بغير البشاشة والهدوء والسكينة؛ حاشاه حبيبي رسول الله. تــذكــرت تــســاؤل طفلتي وعـــدت أنــظــر لعينيها وهي تحدقان في مامحي، قلت لها: كل يوم هو هدية من الله لنا، لذلك من حق شكر النعمة أن نفرح به ونحياه بكل حب. تلطف بنفسك؛ عش اآلن وابتسم وامأل الحياة بالفرح..

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia