Okaz

اجلمال فينا ال في الزمن!

- سلطان التمياط

من منا لم يشتق يوما للزمن الجميل الذي وبالرغم من اختاف األفكار حينها واختاف الشخصيات واخـــتـــ­اف املـــواقـ­ــف فــيــه لـــم يــكــن يــحــســم خافاته بالعنف أو اإلقصاء واإللغاء أو التكفير أو التجريم والتحريم! كـــان زمــنــا مــدنــيــ­ا بــامــتــ­يــاز بــطــابــ­ع وروح وثقافة مــدنــيــ­ة تــحــكــم املــجــتـ­ـمــع وهــــي الــحــاكـ­ـمــة لحياتنا اليومية آنذاك، وهكذا نشأنا في زمن مدني وسطي ال غلو فيه وال تطرف! ال نــزعــم أنـــه زمـــن بــا أخــطــاء فـلـم نـكـن نـعـيـش في «املــديــن­ــة الــفــاضـ­ـلــة» الــتــي تـخـيـلـهـ­ا أفـــاطـــ­ون ولم تتحقق، لكنه كان زمنا جميا في عاقاته البسيطة املــلــيـ­ـئــة بــاملــحـ­ـبــة واألخـــــ­ــوة الــــقـــ­ـادرة عــلــى تذويب العصبية والتعصب، مما خفف الى حد بعيد من حالة االكتئاب أو االضطراب النفسي الذي يخلف بــداخــل الـــروح شـحـنـات مــن الـتـوتـر قــد تعبث بكل جميل صاف ونقي! كنا ذاك الزمان قادرين على صـنـاعـة الــفــرح والـبـهـجـ­ة من أبـــســـط األشــــيـ­ـــاء ومـــــن أقلها كـــلـــفـ­ــة وأكــــثــ­ــرهــــا تواضعا، ألن الـــروح الـعـامـة للمجتمع حينها كــان لـديـهـا استعداد داخــــلــ­ــي لـــلـــفـ­ــرح واالبتسام واالنـتـشـ­اء بكل مـا هـو مبهج ومباح سواء كان في األلعاب الشعبية أو القصائد الـغـزلـيـ­ة الـبـريـئـ­ة، نـفـرح أنفسنا وقـتـهـا بـكـل شيء وبأي شيء وبأقل شيء، فقط ألننا كنا نحمل روحا نظيفة بداخلنا قـادرة على صياغة الفرح با عقد وبـا خــوف!. واآلن فماذا يمنعنا كمجتمع وأفراد بــأن نجعل مـن زمننا الحالي هــذا ماضيا جميا ملستقبل أجمل بكل تفاصيله اإليجايبة من تراحم اجتماعي مـلـيء بالحب والـرحـمـة واألخوة واالحــــت­ــــرام املـــتـــ­بـــادل، بــعــيــد­ا كـــل الــبــعــ­د عن العصبية البغيضة وعــن اإلقــصــا­ء وإلغاء «اآلخـــــر» الــتــي قــد تــكــون ألســبــاب لـيـس لها أي معنى مــن األســــاس! وهـــذا األمـــر لــن يتم إال من خـال محاربة كل ما قد يفسد صفو مجتمعاتنا املختلفة واملـتـنـو­عـة بعاداتها وتقاليدها وتفاصيلها، والعمل بقلب واحد لنبذ الخافات واملشكات الداخلية التي ال أعـتـقـد بـأنـهـا ستمنعنا أو تحرمنا مــن «الحياة» إال إن سمحنا لها نحن فعا «كمجتمع وأفراد» بذلك .!! الجمال الحقيقي ليس فـي «األشــيــا­ء» وال فــي «الـــزمـــ­ن»، إنــمــا هــو مــوجــود فــي داخــلــنـ­ـا نحن «البشر».. فهل وصلت الرسالة؟

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia