ماذا يفعل السعوديون في «القبو املعتم»؟!
نـــشـــرت «عــــكــــاظ» مــطــلــع شــهــر فـــبـــرايـــر الــــجــــاري تحقيقًا استقصائيًا قمت بإعداده حول ما يسمى بالـ«beW »Dark أو الشبكة املظلمة، وهي طبقة «خفية» من شبكة اإلنترنت ال يراها املستخدم العادي للشبكة العنكبوتية، وتعد سوقًا سوداء للممنوعات وعوالم الجريمة واإلرهـــاب، إذ إن شبكة اإلنترنت التي يستخدمها على األرجــح عامة الناس يوميًا مثل تصفح املواقع اإللكترونية املتاحة عبر مــحــرك «قــوقــل» ومـــا نــشــاهــده مــن مقاطع ملتميديا على موقع اليوتيوب ومراسالت البريد اإللكتروني عبر الهوتميل وياهو وGmail واملــواقــع اإلخــبــاريــة واملنتديات ومـــواقـــع الــتــواصــل االجــتــمــاعــي وغيرها مـن املـواقـع التي نـرتـادهـا يوميًا ال تشكل ســــوى مـــا يـــعـــادل قـــرابـــة %4 مـــن إجمالي شبكة اإلنـتـرنـت، وتصنف بأنها «الطبقة السطحية» لإنترنت، بينما الـــ69% املتبقية تسمى بـ«الطبقة العميقة» ،)Deep Web( وهـذه الشبكة الضخمة هي عبارة عن مجموعة هائلة من املواقع غير املفهرسة التي ال يمكن الوصول إليها عبر محركات البحث التقليدية مثل قوقل، وال يمكن الدخول إليها عبر املتصفحات التقليدية مـثـل «إكــســبــلــورر» وغـيـرهـا مــن املـتـصـفـحـات، ولـهـا مسميات وامتدادات تختلف تمامًا عن عناوين الويب املعتادة، وهذه الطبقة العميقة تتخللها «الشبكة املظلمة»، وهي شبكة معتمة يصعب الوصول إلى مواقعها إال من خـالل متصفح مخصص لذلك وعبر دعــوات خاصة وإجـــراءات مشبوهة للوصول إلى محتوياتها التي تعج باملمنوعات ومخاطر ال طائل لها. وبالرغم أن التحقيق املنشور في «عـكـاظ» والــذي استغرق إعــداده قرابة األشهر الثالثة، استوفى كامل التفاصيل واملعلومات العامة حول ما يدور في «الشبكة املظلمة» التي تعج بمواقع ترويج املخدرات وبيع األسلحة وتـجـارة األعـضـاء البشرية والـتـواصـل الخفي بـني العصابات اإلجرامية والجماعات اإلرهابية وحركة غسيل األمــوال ومواقع «الهاكرز» وكـل ما يثير االشمئزاز من مواد إباحية مقززة تدار من خالل ذلك العالم الخفي، إال أن هناك جزءا هاما جدًا لم استطع طرحه خالل التحقيق، أال وهو دور الجهات الرسمية في مراقبة الدخول على هذه الشبكة املظلمة، خاصة أن أدوات الدخول لهذه الشبكة الخطيرة متاحة للجميع حتى يومنا هذا. وحقيقة، تحدثت فـي هــذا الـشـأن مـع متحدث هيئة االتــصــاالت الدكتور فايز الحبيل خـالل فترة إعــداد التحقيق، ووجهت إليه عـدة أسئلة حول ما إذا كانت هناك رقابة على الدخول ملواقع الشبكة املظلمة وملاذا لم يتم حجب املتصفحات التي تقود للدخول في هذه الشبكة، وما إذا كان لدى الهيئة أي إحصاءات ومعلومات وتقارير حول ما يتم في تلك الشبكة من ممارسات غير مشروعة، ولكن على مدار قرابة الشهرين من التواصل لم تصل أي إجــابــات، بالرغم أن املتحدث وعــد وحــدد ألكثر مـن مــرة موعدا نهائيًا إلرسال اإلجابات، وأوضح أنه تم التواصل مع األشخاص املعنيني في الهيئة لإجابة على هـذه التساؤالت، ولكن األرجح أنه لم تكن هناك أي إجابة. عـمـومـا، بعد 3 أشـهـر مــن البحث فــي هذا الــشــأن، فإنني أعـتـقـد، ولـسـت جــازمــًا، بأن 4 فئات من السعوديني تدخل على القبو الـــرقـــمـــي املـــخـــيـــف ،)Dark Web( أولهم املــــراهــــقــــون الــــذيــــن يـــدخـــلـــون إلـــيـــهـــا إما لتحميل ألعاب الفيديو املنتشرة التي يتم اختراق ملكيتها الفكرية بشكل غير نظامي وعرضها مجانًا أو بمبالغ زهـيـدة ال تضاهي ثمنها األصـلـي، أو لتحميل ملفات وشـفـرات الـــ « -Jai »Break وهي برامج وشفرات تفك القيود اإللكترونية وتتيح للمستخدم أن يقوم بتنزيل تطبيقات الهواتف الذكية والبرامج مجانا دون الحاجة للمتاجر والبرامج واأللــعــاب، باإلضافة إلـى شريحة أخــرى من املهتمني ببرمجة الشبكات وأنظمة التشغيل وتعلم آليات اختراق املواقع وحسابات التواصل وتحميل برمجياتها، أما الفئة الثالثة، فهي تلك التي ينتابها الفضول لتصفح املـواقـع املمنوعة املتاحة في الشبكة املظلمة والعميقة بشكل عــام، أمــا الفئة األخـيـرة وهــي األخـطـر، هـم مـن يقومون بالتواصل عبر تلك الطبقة الخفية واملشفرة في الشبكة املظلمة ألغــراض مشبوهة، مثل التنسيق لعمليات تهريب املخدرات أو إجراءات تحويالت مالية غير نظامية عبر العملة االفتراضية الـ«بيتكوين» التي يصعب معرفة هوية األطراف التي تتداولها، وشراء هذه العملة منتشر في الفضاء االفتراضي، بل هناك بنوك ومحالت صرافة في بعض الدول العربية تسمح بتداولها. والــهــدف مــن هـــذا الــطــرح هــو الـتـوعـيـة بـمـا يـــدور فــي هـــذه الشبكة املظلمة باعتبار أن الــدخــول إليها أصـبـح «ظــاهــرة» منتشرة بني املـراهـقـني، وضـــرورة الـتـفـات الـجـهـات املعنية لحجب املتصفحات واملواقع التي تساهم في الوصول إليها، والدور األكبر على أولياء األمــور فـي متابعة أبنائهم فـي ظـل ضعف الـرقـابـة التقنية عليها محليًا ودوليًا.