Okaz

هل غادر الكويت «قهرًا»؟

-

فــي عــام ،1978 كــان الــرشــود عـلـى مــوعــد جــديــد للتغرب بعيدا عن وطنه وأهله وناسه. ففي هذه السنة شد رحاله مع أسرته الصغيرة إلى الشارقة بدولة اإلمــارات العربية املــتــحـ­ـدة ليقيم ويـعـمـل بــهــا. وقـــد قـيـل الـكـثـيـر حـــول قرار الـرشـود الـخـروج مـن بلده وهــو فـي أوج شهرته وتميزه. فـالـروايـ­ة الرسمية تقول إنــه انـتـدب مـن قبل الكويت لكي يعمل خبيرا للمسرح فـي وزارة اإلعــام بـدولـة اإلمارات، ويــســاهـ­ـم هــنــاك فـــي تــأســيــ­س املـــســـ­رح الــقــومـ­ـي وتخريج املــواهــ­ب املـسـرحـي­ـة. غـيـر أن هــنــاك مــن يــقــول خـــاف ذلك، بمعنى أن الرجل قـرر تـرك الكويت والتوجه إلـى الشارقة بمحض إرادته لظروف قهرية. وفـي هـذا السياق نستشهد بما كتبه مسرحي عراقي من البصرة عـرف الرشود منذ سنوات شبابه األولــى، وعرف أيضا رفيقي دربه عبدالعزيز السريع وحسن البدر. هذا املسرحي العراقي هو عبداإلله عبدالقادر الذي كتب مقاال مــطــوال فــي صـحـيـفـة الــبــيــ­ان اإلمـــارا­تـــيـــة ‪)2012 /7 /8(‬ تحت عنوان «قطبان متناغمان شكا جناحي التأسيس في املسرح اإلمـاراتـ­ي: صقر الرشود وإبراهيم جـال». في هـذا املقال ورد النص التالي: «كانت األيــام األخيرة التي عاشها صقر الرشود في الكويت، حسب علمي، غير مريحة بالنسبة إلـيـه، فثمة خـافـات فنية وفـكـريـة، وكــذا عوائق مهنية، اعترضته، وهدفت بمجملها إلى محاولة الحد من نشاطه وتأطير مساقات تجربته. وكـان لذلك وقع خاص عليه بحكم أنه، وكما خبره الجميع، لم يكن يتعايش مع أي قيد، مهما كان شكله أو نطاقه. واختار أن يبقى مبدعا عاشقا حريته الفكرية وخصوصيته اإلبـداعـي­ـة املنفلتة من أية قيود تأطير أو استكانة أو تقليدية. ولهذا تفردت أعماله بميزات كثيرة، فـي مقدمتها خروجها مـن البعد الكويتي، نحو آفاق تجربة عربية رائدة في مجال املسرح، خاصة في ظل تعاونه مع الكاتب العربي املعروف محفوظ عبدالرحمن الــذي أخــرج له صقر مسرحيات عـديـدة، لعل أهــمــهــ­ا: (عــريــس لـبـنـت الــســلــ­طــان)، الــتــي طـــاف بـهـا صقر فـي املـسـارح العربية، مقدمًا نـمـوذج عــرض احتفاليا ظل مطبوعًا في أذهان من شاهدوه إلى الوقت الحالي.. وكنت حــضــرت شـخـصـيـا، عــروضــًا حـيـة لــهــذه املـسـرحـي­ـة، مرات كثيرة». هـذا عن األسـبـاب التي دعـت الـرشـود إلـى مـغـادرة الكويت طبقا لعبداإلله عبدالقادر، لكن األخـيـر تحدث أيضا في املقال املذكور عن كيفية مجيء الرشود إلى الشارقة فقال إن الــــذي مــهــد لــه الــطــريـ­ـق وشــجــعــ­ه هــو الــفــنــ­ان والكاتب اإلمـــارا­تـــي عـبـدالـرح­ـمـن الـصـالـح (مــؤلــف مسلسل حبابة وكاتب قصة فيلم بس يا بحر) الذي عمل معه في الكويت، وكــان على عاقة وطيدة بـه، وكــان من ذوي اإلطــاع على املــشــاك­ــل والــخــاف­ــات الــتــي واجــهــهـ­ـا الــرشــود فــي الكويت مع مواطنيه املسرحين، بل وممن سمعوا عن رغبته في الهجرة. ومن املهم هنا أن نشير إلى أن عبدالرحمن الصالح تحدث خــال الحفل التأبيني الـخـاص بالذكرى الثامنة لرحيل صقر الرشود في الخامس والعشرين من ديسمبر 1986 الـــذي أقــيــم فــي مــســرح الــشــارق­ــة الـوطـنـي عـمـا كــان يسعى إليه الرشود بخروجه من الكويت فذكر «أن صقر أراد أن يتحدى، بنجاحه في اإلمــارات، جميع خصومه». كما أن الصالح كتب قبل ذلـك مقاال في العدد 23/22 من مجلة «الحياة املسرحية» لعام 1984 قال فيه: «إن خروج صقر الرشود من الكويت إلى اإلمارات لم يكن عبثًا، بل كان حاله حال كل املبدعن واملثقفن والرواد في العالم، وفي وطننا العربي بصفة خاصة. ولو استرجعنا الذاكرة معًا لوجدنا أن جميع الرواد، على طول الساحة العربية وعرضها، إنما خرجوا بعد أن ضاقت رقعتهم بهم ورحبت بغيرهم من األدعياء واملنافقن».

 ??  ?? الرشود
الرشود
 ??  ?? .. وفي حوار تلفزيوني مع الشاعر نزار قباني في الستينات. (تلفزيون الكويت)
.. وفي حوار تلفزيوني مع الشاعر نزار قباني في الستينات. (تلفزيون الكويت)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia