Okaz

العودة إلى جازان!

-

عندما هبطت بي الطائرة في مطار جازان لم يتملكني شعور الـزائـر، بل شعور العائد إلـى أرض لم تغادره، وأناس لم يفارقهم! هـذه هي جــازان التي احتضنتها واحتضنتني ألول مـرة قبل ٥٢ عاما، ومـا زالـت تحتضنني وأحتضنها كحضن أم تالقي وليدها بنفس األشواق والحب مهما زادته السنن عمرا! تغير كل شيء في جازان، إال اإلنسان، نالت كل مالمح املــديــن­ــة الــعــصــ­ريــة وعــنــاصـ­ـر الـتـنـمـي­ـة الــحــديـ­ـثــة، لكن إنسانها بقي كما عرفته ألول مرة يملك كل قيم النبل واملروءة والكرم والسماحة! وأنــــا أتــجــول فــي مــتــنــز­ه واجــهــتـ­ـهــا الــبــحــ­ريــة األنيق، تأملت في وجوه املتنزهن فوجدتها نفس الوجوه لم تتغير.. إنهم هم أنفسهم أولئك الذين أسروني قبل ٥٢ عاما في سجن بال قضبان، تتحرر فيه األجساد لكن تبقى األفئدة حبيسة مشاعر الحب والوجدان! جــــــازا­ن أرض املــثــقـ­ـفــن والــــشــ­ــعــــراء.. بــقــيــت كــمــا هي، فأرضها ال تنبت إال طيبا، في ناديها األدبــي بدعوة األديب الحسن خيرات وحضور نخبة مثقفيها كرمني كبارها، وفـي دارة صديقي عبدالله عيضه بصامطة كرمني صـغـارهـا، وأي تكريم أغـلـى مـن وســام تهديه طفلة ترى فيك مثال! ولم يكن ختامها إال ليكون مسكا، ففي الحافلة املقلة إلى الطائرة، تقدم لي صبي صغير يمأل البشر والحسن وجهه ليطلب التقاط صورة «سيلفي» فقلت له بل أنا من سيلتقط معك الصورة ألفوز بأفخم «سيلفي»، لقد أبى صغير اليوم مثقف الغد إال أن يضرب على يدي قيدا آخـر في أسـر جــازان، وكــأن القيود التي في يدي ال تكفي! كل الشكر يا جــازان.. كل الحب.. اشتقت لكم حتى قبل أن أغادركم!.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia