ملك احلزم والعالقات الدولية
يـشـهـد الــعــالــم فـــي الـــوقـــت الــحــاضــر عــــددًا مـــن التحوالت الــخــطــيــرة فــي الــعــاقــات واملــصــالــح بــن الـــــدول؛ ألسباب سياسية واقتصادية، اتخذت من األديان واختاف املذاهب طريقا معقدا للوصول الى أهدافها ومطامعها املتعددة. وأصــبــح عــدد مــن الـــدول املــجــاورة ضحية لتلك األهداف واملــطــامــع ذات الـنـتـائـج الـخـطـيـرة واملــؤملــة، إال أن اململكة العربية السعودية استطاعت بقيادتها أن تتجاوز تلك املــخــاطــر وتــحــافــظ عـلـى عـاقـاتـهـا الــدولــيــة املــتــوازنــة مع الجميع بسبب حكمة وشجاعة القيادة وثبات مبادئها. وتكتسب جولة خـادم الحرمن الشريفن امللك سلمان بن عبدالعزيز في عدد من دول شرق آسيا أهمية بالغة، وتعد دليا واضحًا على استقرار اململكة وقدرتها على تجاوز املــحــن والــتــغــيــرات الــتــي تـحـيـط بــهــا، إذ أضــحــت سياسة حــكــومــة خــــادم الــحــرمــن الــشــريــفــن أنــمــوذجــًا فـــي تنوع العاقات الناجحة على جميع املستويات وفـي املجاالت كافة. وللمملكة ثقل عقائدي مهم، فهي دولة شرفها الله بخدمة الــحــرمــن الــشــريــفــن وقــبــلــة املــســلــمــن، ولــهــا أيــضــًا ثقل اقتصادي مهم، وثقل سياسي أهــم بسبب حكمة قائدها (ملك الحزم والعزم) ونجاحاته املتتالية في التعاطي مع كافة القضايا اإلقليمية والـدولـيـة، ومواجهة التحديات املحدقة بكل حزم وثقة. وفي هذا اإلطار، تأتي جولة خادم الحرمن الشريفن إلى دول شرق آسيا، التي استطاعت أن تلفت األنظار إليها بما حققته من تطور هائل في مجاالت العلم واالقتصاد، ومنها على سبيل املثال مملكة ماليزيا االتحادية، فقبل عشرات السنن كان املاليزيون يعيشون في الغابات ويعملون في الزراعة وصيد األسماك، ويعانون من الصراعـات الطائفيـة بن أتباع 18 ديانة ومذهبا. وكان متوسط دخل الفرد أقـل من 1000 دوالر سنويًا. واستطاع الدكتور مهاتير محمد عقب توليه مقاليد الحكم عـام 1981 أن يجعل ماليزيا دولــة يشار إليها بالبنان، فخصص أكبر قسم في ميزانية الـدولـة لتدريب وتأهيل الـحـرفـيـن واملـــــدارس ومــحــو األمــيــة وتـعـلـيـم اإلنجليزية والبحوث العلمية. وأرســل عشرات اآلالف من الطاب في بعثات خارجية للدراسة في أفضل الجامعات األجنبية. وزادت املخصصات املالية للتعليم لتصل إلــى %24 من إجمالي النفقات الحكومية. وفـــي قــطــاع الـصـنـاعـة واالقــتــصــاد وخـــال ســنــوات قليلة وبالتحديد عـام ،)1996( حققت ماليزيا طفرة تجاوزت %46 عن العام السابق له، وذلك بفضل املنظومة الشاملة والـــقـــفـــزة الــهــائــلــة فــــي تــصــنــيـــــع األجــــهــــزة الكهربائية، والحاسبات اإللكترونية، مما ساهم في تشغيل ماييـن العاطليـن باملصانـع بعد تأهيلهـم. وفي قطـاع االستثمـار، فتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمــام االستثمارات املحلية واألجنبية وفـق قواعـد منضبطـة وناجحة. وهذه ماليزيا اليوم في مصاف الدول املتقدمة اقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا، محافظة على طابعها اإلسامي الفريد، وأصبحت الجنسية املاليزية ضمن أفضل 10 جنسيات عامليًا. وينظر السعوديون إلــى جولة خــادم الحرمن الشريفن اآلسيوية، بتفاؤل وثقة في البعد السياسي الحكيم لقائد األمة، ما سيعود بالنفع بإذن الله على بادنا التي نشعر بالفخر واالعــتــزاز باالنتماء إليها، كما نفخر بالتاحم الرائع بن أبنائها قيادة وشعبًا.