معضلة أخالقية
اإلعالنات «غير املباشرة» تهدد مصداقية «مشاهير التواصل»
في وقت تشهد مواقع التواصل االجتماعي تزايدًا ملحوظًا في املتابعة واالستخدام، وخصوصًا «سناب شات»، يقف مشاهير عـــمـــدوا عــلــى الــتــكــســب وراء أعـــــداد مـتـابـعـيـهـم عــبــر اإلعالنات املدفوعة، وتباينت اآلراء حول مشروعية السلوك، بيد أن تمرير اإلعالنات بشكل غير مباشر في الفيديوهات والتغريدات، يشكل مأزقًا أخالقيًا ترفضه أدبيات اإلعالم واملتابعني، حتى أن بعض املختصني يرون فيه خداعًا للمشاهد ومستخدم الوسيلة. ويــوضــح أحـــد الــشــبــان الــذيــن اكــتــســبــوا قــاعــدة عــريــضــة من املتابعني أن اإلعالنات تبدأ بالتدفق على الحسابات التي يتجاوز عدد متابعيها 20 ألفا في سناب شـات، فيما يؤكد تعاطي عدد من زمالئه مع اإلعــالنــات غير املـبـاشـرة، كونها تــدر مبالغ مالية أكبر من اإلعالنات التقليدية. ويكشف مالك لشركة إعالن (فضل عدم ذكر اسمه) لـ«عكاظ» كيفية تمرير اإلعالنات غــيــر املـــبـــاشـــرة على الــجــمــهــور الذي يــــؤكــــد تطوره في فهم الحركة اإلعــــــــالنــــــــيــــــــة، مشيرًا إلــى أن املسألة ال زالت جدلية بخصوص أخالقية اإلعالن املباشر «هناك فريق يــرى ضــرورة إيـضـاح أن اإلعــالن مـدفـوع عند جماهيره، فيما يوجد فريق آخر يفضل عدم االلتزام بإعالم جمهوره عما إن كانت مشاركته مدفوعة أو ال». ويـــوضـــح أن الــعــمــلــيــة تــتــم بـــحـــرص شـــديـــد، حــتــى أن شركته اسـتـعـانـت بــإحــدى مــشــهــورات «ســنــاب شـــات» الــتــي تـعـمـد على تصوير يومياتها، لإلعالن عن منتج «شاي» بشكل غير مباشر ملدة أسبوع، ولعدد محدود من الثواني، مضيفًا «على املشهورة أن تمسك بكأس الشاي املرسوم فيها العالمة التجارية وتتحدث في أمور عادية مع والدتها، وتكون الكاميرا على الكوب لثوان معدودة ليتكرر املشهد طـوال أسبوع، وفي نهاية املطاف تذكر ماركة الشاي وتثني عليها». ويـشـيـر إلـــى أن املـتـابـعـني بــاتــوا أكــثــر إدراكـــــًا، وأضــحــى تمرير اإلعالنات «مسألة بالغة الصعوبة»، كون مقاطع السناب شات التي تحتوي على إعالن مباشر وغير مباشر ال تشهد تفاعال بني املتابعني بحسب ما يؤكده مالك شركة إعالن تعمل وسيطًا بني الكيانات التجارية ومشاهير تطبيقات «التواصل االجتماعي». فيما يـرى عبدالرحمن الـرامـس (مالك شركة إنتاج وإعــالن في جــدة) أن اإلعــالن غير املباشر أسلوب قديم في الـغـرب، بيد أنه في السعوديني انفتحوا عليه منذ وقت قريب، «وهذا ابتكار ألن أصحاب األفكار االبداعية يفهمون السوق». ويؤكد أن كثيرا من املشاهير يمررون اإلعالنات دون أن يالحظ املشاهد، مستشهدًا بتجربتهم في مسلسل درامي على اليوتيوب (شهد مشاهدات ضخمة)، إذ وقعوا عقودًا مع هيئة حكومية في الخليج وشركة اتصال كبرى في السعودية «ولكن نجحنا كوننا نسوق املنتج بحيادية ولم نخدع املشاهد كأن نقدم منتجا سيئا على أنه جيد، وهذا مهم ويدخل في أخالقياتنا ومصداقيتنا، بدليل أننا نجحنا وتقبل املشاهدون العمل». ويـــؤكـــد الـــبـــاحـــث ســيــف الــســويــلــم مـــؤلـــف كـــتـــاب «اإلعـــــــالن في اإلنــتــرنــت.. االسـتـثـمـار الــجــديــد» عــن دار مـــدارك ظـهـور وكاالت وشركات تقوم بمهام الربط والوسيط بني بعض مشاهير مواقع التواصل وبعض الجهات، بما في ذلك جهات حكومية للترويج والتعريف ببعض خدماتها وبرامجها ومناسباتها بأنماط وأساليب متنوعة، «لدرجة أننا قد نجد انتقادا حـادا لجهة أو منتج مـا، وبعدها بفترة نـرى مديحا وإطــراء للجهة ذاتها من الحساب ذاته». ويــوضــح الـسـويـلـم فــي حـديـثـه لـــ«عــكــاظ» أن سـعـر التغريدة الــواحــدة يصل لــدى بعض الشخصيات املحلية التي تحظى بماليني املتابعني إلى نحو 20 ألف ريال، ويخضع ذلك أيضا إلـــى مـسـتـوى الـتـفـاعـل وعـــدد املــتــابــعــني، فـأحـيـانـا يــكــون عدد املتابعني كبيرا ومستوى التفاعل ضعيفا، األمر الذي قد يثير الشكوك في حقيقة أولئك املتابعني، وهـذه الحالة تظهر لدى بعض الشخصيات في حساباتهم على «تويتر» و«انستقرام». ويـضـيـف «بــصــورة عــامــة هــنــاك انـقـسـام جـمـاهـيـري تــجــاه هذا النوع من املشاركات اإللكترونية، ففئة من الجمهور ترى أن ذلك حـق مـشـروع للشخصيات، ولـهـم أحـقـيـة طــرح مـا يــريــدون عبر حساباتهم الخاصة، في الوقت الذي ترى فيه فئة أخرى أن ذلك يمثل استغالال لها، على اعتبار أنه لوال وجودهم ومتابعتهم لبعض الشخصيات ملا استطاعوا تقديم إعالنات تجارية عبر
حساباتهم».