الفرق بني مؤيدي الترفيه.. ورافضيه!
طــــــوال عـــقـــود ظــــل املــجــتــمــع املــــدنــــي املــتــحــضــر في الـــســـعـــوديـــة، يـــعـــرب عـــن رغــبــتــه، وتـــوقـــه للحصول على ترفيه بـريء يشبع رغباته ويلبي احتياجاته، ويشعره بإنسانيته، دون أن يصطدم بالدولة أو يحرض عليها. لم تتعد املطالب الشعبية، حدود األدب، إما بالتعبير عبر وسائل اإلعام، أو من خال األحاديث الودية واالجتماعات مع املسؤولن، مع تفهم الدولة لتلك املطالب، إال أنها فضلت أن تترك للمجتمع أن ينضج مبادراته. وهـو ما حـدث تماما، فماين العابرين للحدود باتجاه عواصم الترفيه، أكدوا على أن املطالب حقيقية، وأن طوابيرهم وهم ينهون إجــراءات سفرهم على جسر امللك فهد باتجاه البحرين، تصويت دليل عميق لتلك الحاجة االجتماعية. على مــدى عــشــرات الـسـنـن، رضــي الكثير مــن املـواطـنـن البسطاء بالحد األدنى من «الحياة»، بالجلوس على األرصفة وشرب الشاي، أو الذهاب لألسواق والتجول فيها، مع بعض مهرجانات صيفية هنا وهناك، لكنها وللحقيقة لم تكن سوى مسكنات، غير كافية، ال تؤدي الدور الدائم للترفيه. في املقابل ماذا فعل الغاة والحركيون املعارضون للترفيه! فــي األول مــن شـهـر مـحـرم الــعــام ،1400 اقـتـحـم جهيمان وزمرته الباغية الحرم املكي الشريف، متزعما ما يسمى بالحركة املحتسبة، سعيا لتنفيذ أجندة خفية، ملنع ما سموه مظاهر «الترفيه»، التي كانت في بدايات تبرعمها واخضرارها. تلك املـظـاهـر البسيطة، لــم تعد بضع حـفـات فنية، مــع قليل من األغاني، إضافة ملسلسات عربية، ومقاهي ضعيفة يتسامر فيها الـبـسـطـاء، لـقـد جــن جـنـون الــغــاة مــن تـلـك الـفـعـالـيـات املتواضعة، واعتبروها انحاال، وثلمة في جناب العقيدة، بادئن بصدامات خشنة. أولها: احتال الحرم املكي - وقتل آالف املؤمنن املوحدين الذين نــزلــوا فــي ضـيـافـة الـلـه -، كــان هـجـومـا مـجـرمـا، ال يــبــرره رفضهم ملظاهر التمدن والتنمية، التي بدأت في االنتشار. إثــر تلك الـجـريـمـة، حصل مـا يمكن تسميته بــأعــراض انسحابية خـطـيـرة، فاختفت الـحـفـات، ومنعت األغــانــي، وغيبت املذيعات، واختطفنا جميعا إلى «منافستو» املكفرين للدولة واملجتمع. ثانيا: لم يكتف الغاة بتلك األربـاح، بل وقفوا ضد «الوطن»، في حربه ضد صدام إثر احتاله للكويت، واندفعوا في زعزعة األمن، ووزعوا ماين األشرطة والخطب املناوئة. ثـالـثـا: أنــشــأوا كيانا غير شـرعـي، يعبر عـن حزبيتهم، وأفكارهم املتطرفة، سموه بلجنة الـدفـاع عـن الحقوق الشرعية، مستقوين بحضور السفير األمريكي في الرياض. رابعا: سمموا األجـواء داخل الباد، بما سموه التواجد األجنبي، رافعن الفتة «اخرجوا املشركن من جزيرة العرب»، هيأت الحملة التي بـدأت منتصف التسعينات، حصول أول تفجير إرهابي في مجمع سكني للخبراء األمريكان. خامسا: حرض الكثير من الغاة، الشباب للذهاب إلى أفغانستان والبوسنة والعراق، ليتحولوا فيما بعد، «لجيش»، يمكن استخدامه عند الصدام مع الدولة، أو للقيام بعمليات قتالية، وهو ما حدث بالفعل العام 2004 بتفجير املحيا، وما تاه من أعمال تخريب. سادسا: تأخر الكثير من الحركين، في إدانة العمليات اإلرهابية، والـتـاعـب بـاأللـفـاظ واملــواقــف، كــان أبــرزهــا، قولهم «يـجـب أن ال نستعجل في اتهام من يقوم بتلك العمليات». سابعا: مع بدء مشروع «الخريف العربي»، تجهز الجمع وانطلق نفيرهم، فأنشأوا حـزب األمــة، وكيل أعتى األحــزاب املتطرفة في املنطقة،- الذي يرأسه حاكم املطيري-، ليكون منصة ينطلق منها االنــقــاب عـلـى الــدولــة وهــدمــهــا، بــدأ بالتجهيز ملــا سـمـي «ثورة حــنــن»، والــتــي أخـفـقـت نـتـيـجـة الصــطــفــاف املـجـتـمـع مــع دولته وقيادته. ثامنا: اليوم يقوم بعض املتطرفن بمحاولة الوقوف أمام مشروع الــتــرفــيــه، سـعـيـا لـــوأد جـــودة الــحــيــاة، وإعـــــادة الــنــاس ملعاقلهم، بتهديد الـدولـة بحرب «تصبح هـي الـخـاسـرة فيها»، كما تقول أدبياتهم املنشورة في وسائل التواصل. هذا هو الفرق بن من يقف مع دولته، ويتفهم حاجتها، وبن من يحول الخاف في األفكار، إلى حروب، ويسعى إلنشاء كيان مواز للسيطرة على الشارع مرة أخرى.