اجلبير من العراق العربي
في الثاني من يونيو 2015 عينت اململكة العربية الــســعــوديــة الـسـيـد ثــامــر الـسـبـهـان سـفـيـرا للعراق، بعد فترة انقطاع دامت ألسباب كثيرة على رأسها األسباب األمنية، ومثل هذا التعين سعي دبلوماسي من اململكة لتوثيق عاقاتها مـع الشعب الـعـراقـي، وهــي العاقة التاريخية التي ال تغيب وال تنتهي مهما طــرأ مـن شـوائـب، أو مهما سعت قوى إلضعاف هذه العاقة. وديــدن السياسة الخارجية السعودية دومـا الوقوف مع األشقاء الـعـرب، وهـو واجــب على السعودية وركـيـزة من ركائز سياستها الــخــارجــيــة، ملــا عـلـيـهـا مــن مــســؤولــيــة يحكمها ثـقـلـهـا اإلسامي والــعــربــي، والـــجـــوار أيــضــا مــع الـــعـــراق حـيـث تـمـتـد الـــحـــدود بن البلدين ملسافه 814 كيلومترا، تمتد من منفذ «الرقعي» شرقا إلى مدينة «طريف» غربا. وقد ضايق إيـران في سعيها إلبعاد عدة دول عن عمقها العربي وعــلــى رأســهــا الـــعـــراق، هـــذه الــخــطــوة الــدبــلــومــاســيــة مــن اململكة للتقارب مع الشعب العراقي، ومـن املعروف أن اململكة تقف على مــســافــة واحـــــدة مــن مـخـتـلـف اإلثــنــيــات والــطــوائــف واألديــــــان في العراق، وفي سائر البلدان العربية، وتعتبر أن كونها دولة عربية هو الحاضن والعمق الطبيعي لهذه الـدول، والذي يتسع لجميع أبناء هذه الدول. وهذا التأكيد على موقف اململكة من سائر مكونات الشعب العراقي، أكد عليه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في املؤتمر الذي عقده مع نظيره العراقي إبراهيم الجعفري، خـال زيــارة الوزير الجبير لبغداد، ولقائه برئيس الـــوزراء حيدر العبادي ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم باإلضافة إلى رئيس البرملان العراقي سليم الجبوري. الزيارة أكدت على االستمرار في توثيق العاقات الدبلوماسية مع العراق، عبر اإلعــان عن تعين سفير سعودي جديد في العراق، كما أكــدت دعمها للعراق الــذي يعاني كما تعاني اململكة وعدة دول من آفة اإلرهــاب، وبالتالي فاململكة تهدف إلى بناء عاقات مميزة مع العراق، وإلى مزيد من الزيارات املتبادلة بن املسؤولن في البلدين، وهي استكمال لزيارات سابقة بدأت منذ نهاية العام .2014 كـمـا أن الــســعــوديــة والـــعـــراق دولــتــان مـؤسـسـتـان لـجـامـعـة الدول الــعــربــيــة ضــمــن ســبــع دول أســـســـت الــجــامــعــة فـــي الـــعـــام ،1945 وبالتالي فالعراق ارتباطه العربي قديم وحاضر ومستقبل، هذا ما قاله التاريخ وتقوله الجغرافيا واملصير املشترك للدول العربية في نهاية املطاف. في لبنان أيضا كانت السعودية إلى جانب أشقائها وهم يعبرون ملف الشغور الرئاسي، وشاهدنا زيــارة مستشار خـادم الحرمن الشريفن األمير خالد الفيصل، وهو أول املهنئن لفخامة الرئيس ميشيل عـــون، تلتها زيــــارة الــرئــيــس عـــون لــلــريــاض كـــأول زيارة خارجية له بعد دخوله قصر بعبدا، ثم تلت ذلك زيـارة من وزير الشؤون الخليجية ثامر السبهان ملختلف الفرقاء اللبنانين، وهو ما أكد مجددا أن السعودية في تعاملها مع جميع الدول تقف على مساحة واحدة من مختلف مكوناتها. ال شك أن التقارب العربي العربي مزعج إليـران، التي طاملا أرادت تمزيق األوطــان العربية وطمس هويتها، وأشغلها حلم التمدد عن فهم أنه ال يمكن معاندة قوانن الطبيعة، كما أنها فشلت في إقناع العرب الشيعة أنها ماذهم، وعرفوا بالتجربة في أكثر من مكان أن ماذهم الحقيقي أوطانهم. إيران أزعجها تقارب السعودية مع لبنان رغم أنه األصل، فكان أن ادعـى محمد جـواد ظريف أن تقاربا سعوديا إيرانيا أدى لحسم هـذا امللف، فيما يعرف اللبنانيون قبل غيرهم أن ملف الرئاسة كان لبنانيا بامتياز، وأن التقارب السعودي لم يعن يوما التدخل، وهو أيضا ما ال تفهمه إيران. زيـــارة الجبير خـطـوة مهمة فـي مستوى الـعـاقـات بـن البلدين، وهـي خطوة على طريق تقارب أكبر بن العراق وعمقه العربي، وباشك أنها ستزعج إيران أكثر من أي تقارب عربي عربي، وهذا ما يجب أن يسعد أي عربي.