كم عدد متابعيك؟!
يــقــول أحـــد الــكــتــاب: «ال وجــــود فـعـلـيـا لــكــتــابــة ال يعيرها القارئ اهتماما». وأجــدنــي أوافــقــه الـــرأي حــقـا، فـالـكـاتـب ســـواء كان كاتبا ذا مؤلفات، أو في صحيفة، أو مغردا على تويتر، أو مـدونـا على الفيس بــوك، أو غـيـره، أيا كان ذلك الكاتب، تجده غالبا يفخر - إن صراحة أو ضمنا- بكثرة متابعيه من القراء. وجـــود الــقــارئ وتـفـاعـلـه مــع الــنــص، هــو مــا يبث روح الكتابة لــدى الكاتب، إال أنــه ليس كـل القراء يــعــبــرون عـــن الــتــفــاعــل، فـكـثـيـر مــنــهــم إن لـــم يكن أغـلـبـهـم يـفـضـلـون الـصـمـت أمـــام مــا يــقــرؤون، فا يدري الكاتب إن كانت كتابته حققت التأثير الذي يرجوه أم لم تحقق! الكتاب أنواع، بعضهم ينهج الكتابة األدبية، التي ترتكز على عذوبة اللفظ، وحسن سبك العبارات، وجمال الصور املرسومة وإثارة االنفعاالت. وبعضهم ينهج الكتابة الفكرية، التي ترتكز على مخاطبة العقل وتعمل على إثـــارة قــوى التفكير والتحريض على التأمل ورؤيــة األشـيـاء بمنظار عقلي مختلف. وبعضهم يقصر نفسه على الكتابة النقدية، التي ال يعنيها جمال اللفظ وال إثــارة التفكير، قدر ما يعنيها إيجاد حل ملشكلة اجتماعية، أو إزالة عقبة تعترض اإلصاح، أو التخفيف من معاناة. وكما أن الكتاب يتنوعون في نهجهم الكتابي، فإن القراء هم أيضا يتنوعون في تفاعلهم مع النص الذي يقرؤون، كل قارئ يتفاعل مع النص بحسب خلفيته الثقافية وتوجهه الفكري ومستوى ذكائه وسعة معرفته، وإن كـانـوا جميعا يشتركون في صفة االنــجــذاب نحو الـنـص الــذي يخاطب شيئا مـــا فـــي نــفــوســهــم، ســـــواء كــــان ذلــــك أفـــكـــارا تماثل أفكارهم، أو انفعاالت تمس قلوبهم، أو احتياجات يفتقدونها ويسرهم أن يجدوا من يتحدث عنها. فـي إعامنا املحلي نلحظ قلة الكتابات األدبية والـــفـــكـــريـــة، وغــلــبــة الـــكـــتـــابـــات الــنــقــديــة إلــــى حد اإلســــراف، حتى أنـنـا نجد أحـيـانـا أنــه مـا إن يبدأ كاتب بانتقاد أمـر مـا، حتى تتداعى بقية األقام إلكـمـال مـا بـــدأه، فتعج الصحف و(الهاشتاقات) واملـــدونـــات املـخـتـلـفـة بــتــرديــد الــقــول نـفـسـه مرات ومرات. ولــعــل مــن عــوامــل طـغـيـان الــكــتــابــات الـنـقـديـة في الصحافة، إقبال القراء على هذا النوع من الكتابات أكــثــر مــن غــيــرهــا، فــالــقــارئ الـــعـــادي ال يـمـكـنـك أن تتوقع منه تذوقا لفن أدبــي، أو تمعنا في قضية فــكــريــة، بـيـنـمـا هــو يـعـيـش فــي واقــــع حــيــاتــه ثقل معاناة صحية أو اقتصادية أو أمنية أو غيرها، لذا هو ينجذب أكثر للكتابات النقدية، التي يراها تهتم بمعالجة قضايا لها مساس مباشر براحته اليومية. لـكـن هـــذا االنــحــيــاز نـحـو الـكـتـابـة الــنــقــديــة، أفقد الصحافة أثـرهـا التقليدي فـي التنمية الثقافية والــفــكــريــة، فــبــاتــت مــنــحــصــرة فـــي إطــــار معالجة قضايا املجتمع.
للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250, موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة