Okaz

بعد الصحوة هل سندخل في السهوة؟!

-

@IdreesAldr­ees up2020@hotmail.com سـأكـون واضـحـًا ومـبـاشـرًا مـن الـبـدايـة وأقـــول: إذا كــان مــا وصلنا مــن مـشـاهـدات مبتسرة ملــا حدث فــي عـــروض كـومـيـكـو­ن جــدة صحيحًا فـإنـهـا في ظني مجانبة للترفيه البريء والنظيف، وأن هذا الرقص والزمر والحضور الشبابي املكثف من الجنسني يتجاوز بكثير ما كنا وما زلنا نؤمله من عودة متدرجة للتبسط والفرح، لكن حتى مع كوني أرى التدرج إال أنني ال أريـد ولم أتوقع أن نصل إلى هذه الدرجة من االنفتاح، على أنني لألمانة وقد أغاظني ما سمعت ورأيت فقد أخبرت الحقا من بعض الثقاة أن هناك قدرا من التلفيق والتركيب في بعض ما وصلنا من مشاهد، وأن بعض اللقطات هـي مـن بعض الـعـروض التي قدمت خــارج اململكة وليست في جدة، وأن عروض جدة كان فيها عزل بني الجنسني من الشباب، وألنني أخشى التمادي؛ لذا فإنني إذا تحفظت فمرد ذلك أسباب منها: أن ال يحدث ما يصادم آدابنا الدينية وثقافتنا وموروثنا الشعبي الـتـقـلـي­ـدي، ومـعـلـوم أن وســائــل الـتـواصـل الـجـديـدة قد فتحت لنا األفق وبسطت لنا العالم بني أيدينا نتجول فيه ونحن ال نــغــادر أمـاكـنـنـ­ا، ومـعـلـوم أن ثـقـافـة الـغـالـب والــقــوي عسكريًا واقتصاديًا هي التي تسيطر سلوكيًا، وهذا ما نلمسه اآلن عند شبابنا من تغير املذاقات املحلية وانتقالها – بشكل عفوي – إلى حرية االختيار على النحو الذي خلق عند شبابنا ميوالت فنية وكـرويـة خارجية، وهكذا صـار قـدر كبير من أبنائنا ينحازون كرويًا كمثال إلى برشلونة وريال مدريد وبايرن ميونخ وغيرها، وهكذا الحال غنائيًا مع أدول وبيونسيه ولوبيز وغيرهن، كما انعكس ذلك على املالبس واألكل، فلم يعد بعض الشباب يلبسون مالبسنا التقليدية وال يهضمون أكالتنا الشعبية، لذلك تراهم قد تبنطلوا فيما هم يتغذون على الهامبورجر وغيرها من أطعمة الــ «فاست فود»، وبالتالي جاءت االستجابة العارمة واملفاجئة لــعــروض «الــكــومـ­ـيــكــون» فــي تــســارع مــلــحــو­ظ لـتـغـلـيـ­ب الهوية «البرانية» على هويتنا املحلية والعربية واإلسالمية واالنخراط في موجة التغريب املتسارعة. قد يتساءل البعض عن مطلبي أو قد يظن البعض أنني ضد الترفيه، لكن على العكس من ذلك فإنني من الداعني لذلك بشرط أن يكون الترفيه بحسبان وتـدرج، وأن يتم تكريس شخصيتنا السعودية من خالل هويتنا الترفيهية املحلية وتعزيز حضور أنواع الفنون الشعبية التراثية املتنوعة والتي تحفل بها مناطق اململكة، ونحن نعلم ما تحظى به هذه الفنون من إقبال مشهود في مهرجان الجنادرية، ومن هنا وجب أن يلتفت إليها وأن تنظم لها املناسبات طوال العام وأن يستمر األمر على نفس املسار في فنونا الغنائية. إن اإلقبال املشهود الذي وجدته عروض الترفيه إنما جاء تعبيرًا عن الجوع للفرح وكـان نفس اإلقبال سيحدث لو كانت الحفلة ألحـــد الــفــنــ­ون الشعبية (الـخـبـيـت­ـي أو الــســامـ­ـري أو املــجــرو­ر أو الطرب الينبعاوي). أيــضــًا ســأكــون أكــثــر مــبــاشــ­رة ووضــوحــًا عـنـدمـا أقـــول إن مــا قد يحدث من تجاوز سنجده في بعض برامج الترفيه إنما يجيء انتقامًا وحرقًا للمراحل وسعيًا للتعويض عن عقود وسنوات تطرف فيها املجتمع وبالغ في التضييق بحجة ما تم التعارف عليه بـفـتـرة الــصــحــ­وة، ورغـــم كــل مــا جـــاءت بــه هــذه الـفـتـرة من علم وتنوير ديني وأخالقي إال أنه تمت اإلســاءة لها من بعض من تسنموا بعض مواقع النصح والتوجيه وممن تكسبوا من هــذه الـفـتـرة، فــشــددوا وضـيـقـوا حتى ضــاق الـنـاس وفــاض كيل صـدورهـم، وإذا اتفقنا على أن الصحوة قد غالت في برامجها الوعظية فإنني أخشى أن ندخل مرحلة أخرى نسميها «السهوة»، وهي الغفلة املفرطة عن بعض تعاليمنا اإلسالمية وعن هويتنا املحلية والعربية. أرجو أن نسدد وأن نقارب وأن نتواصى على الفرح والترفيه بما ال يصدم ثوابتنا، فال إفراط وال تفريط.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia