عذر أقبح من ذنب!
ﻋﻠﻰ ﺧﻔﻴﻒ
مـــواطـــنـــان ســـعـــوديـــان -رجـــــل وزوجـــــــه- مــــوجــــودان في أمريكا ذهبا إلــى دار سينما وتـركـا طفلتهما البالغة من العمر ثمانية شهور في سيارتهما، وأخـذا معهما طفلهما الــبــالــغ مــن الـعـمـر أربــعــة أعـــــوام، فـلـمـا خرجا من السينما وعــادا إلـى السيارة وجـدا رجـال البوليس فـي انتظارهما، ومعهم تهمة موجهة لـوالـدي الطفلة بــإهــمــالــهــا وتـــعـــريـــض حــيــاتــهــا لــلــخــطــر، ودعاهما البوليس إلى مراجعة املحكمة للنظر فيما ارتكباه من مخالفة خطيرة، وأعجب ما في هذه القصة اإلخبارية التي نشرت تفاصيلها في صحيفة البالد قبل عدة أيام أن والـــدي الطفلة بــررا فعلتهما بــأن تــرك األطــفــال في السيارات لبرهة من الزمن أمر معتاد في اململكة، وهو في حقيقة األمر عذر أقبح من ذنب ويقدم صورة غير حسنة عن طرق تعامل السعوديني مع أطفالهم ودرجة اإلهمال والقسوة التي يعاملون بها حتى أصبح تركهم وحيدين في السيارة أمرًا معتادًا، مع العلم أن النظامني املــروري والقضائي في بالدنا يعاقبان على مثل هذا اإلهمال، وكون بعض املهملني قساة القلوب قد اعتادوا على ترك أطفالهم في سياراتهم لساعة أو أقل أو أكثر ال يعني أن عملهم ذاك غير خطير وغير إنساني، السيما أن حوادث اختناق ووفاة سبق أن حصلت ألطفال تركوا أو نسوا في سيارات من قبل ذويهم أو من قبل السائق، بــل إن شـبـانـًا يـافـعـني مـكـثـوا فــي سـيـاراتـهـم يتبادلون أطــراف الحديث، فتسرب غـاز أول أكسيد الكربون إلى رئـاتـهـم فأغمي عليهم حتى فــارقــوا الـحـيـاة حسب ما نشر عن تلك الحوادث املؤملة. لـقـد أســـاء ذانـــك املــواطــنــان الــســعــوديــان إلـــى طفلتهما بتركها في السيارة، فإن كانت السيارة في وضع تشغيل فـإن رحمة الله قد أدركتها فلم يتسرب إليها ويقتلها غاز أول أكسيد الكربون وإن كانت السيارة مطفأة، فإن انخفاض درجة الحرارة خالل فصل الشتاء كان كفيال بقتلها لوال لطف الله عز وجل بها، وأساء ا إلى وطنهما عندما حــاوال تبرير إهمالهما وقسوتهما بأنها أمر معتاد في وطنهما، ورسما صورة ملدى االستهتار وعدم املباالة بحياة طفلة بريئة، وهي صورة سينال ضررها كل مواطن سعودي مادام أن ذلك املهمل القاسي القلب قـد بــرر فعلته بأنها أمــر معتاد فـي وطنه وأنــه مجرد فرد من شعب ذوي قلوب قاسية هي كالحجارة أو أشد قسوة، وهل سيالم البوليس األمريكي لو أنه قد وقر في نفسه مثل هـذه الصورة مــادام أن شاهدا من أهلها قد شهد على وطنه وشعبه بذلك.. والله املستعان!