مكرمو «كتاب الرياض»: 50 عامًا في خدمة «التراث» دراسة وحتقيقًا
الدخيّل: أشكر وزارة الثقافة.. والفضل للمستشرقني
أرجع الباحث املحقق الدكتور حمد الدخيل الفضل في إرساء فن التحقيق إلى املستشرقني كونهم أول من اعتنى بالتراث العربي منذ القرن التاسع عشر املـيـادي. مشيرًا إلـى أن القرن العشرين شهد حركة دائبة في نشر فرائد التراث العربي ومصادره بعد حركة النشر التي قام بها املستشرقون فـي أوروبــا أواخــر الـقـرن التاسع عشر والعقود الثاثة األولــى مـن القرن العشرين. مؤكدًا أن املحققني العرب استفادوا من منهج املستشرقني الذين لهم الفضل في وضع اللبنات األولى ملنهج التحقيق كما ينبغي أن يكون. ولفت الدخيل إلى أن راية التحقيق انتقلت من املستشرقني، إلى خزانات الكتب ومنها خزانة أحمد تيمور باشا (الخزانة التيمورية)، والخزانة الزكية (خزانة أحمد زكي باشا شيخ العروبة)، ومكتبات محمود شاكر، ومحمد عبدالسام هارون، ومحمد أبوالفضل إبراهيم. ويرى أن املحققني الــعــرب أعـــــادوا تحقيق مـعـظـم كـتـب الــتــراث الــتــي نـشـرهـا املستشرقون، ونجحوا في تدارك كثير من األخطاء التي وقع فيها املستشرقون، منها ما يتصل باملنهج والطريقة، ومنها ما يتصل بالشكل لغة وأسلوبا. إضافة إلى توفير الكتاب في سوق املكتبات العربية إثر نفاد معظم الكتب املحققة من املستشرقني. وثمن لوزارة الثقافة هذه اللفتة التكريمية للمحققني. وعد التحقيق من األساليب البحثية املعرفية كونه يخضع ملعايير ومقاييس ال تقل عن مهارة التأليف وإعــداد البحوث العلمية. مبديًا تحفظه على الـــحـــداثـــيـــني الــــذيــــن يرون التحقيق عما فجًا وغير علمي. موضحًا أنـه أسهم في تحقيق 6 مخطوطات. وجــمــع فــي شـــرح مقامات الـــحـــريـــري 60 مخطوطة ملقاربة النسخ ومقارنتها بــبــعــضــهــا. كــــــون املحقق يحرص على االطاع على جــمــيــع نـــســـخ املخطوطة خــصــوصــا مـــا كــــان بخط املؤلف. فيما كشف املحقق الــدكــتــور عــبــدالــعــزيــز املانع عن إسهامه في تحقيق ما اليحصى من املخطوطات. وقال «أنا لم أحص ما حققت كوني غير معني بالعدد وال ألتفت إلى الكم. وعن نقد الحداثيني للتحقيق ووصفه بعرض املعروض وإعادة نشر منشور أجاب» هذا رأيهم وقناعتهم وال شأن لي بهم «وسألته» هل أنت مقتنع بجدوى التحقيق «فـــرد» كـإيـمـان الـحـداثـيـني بـالـحـداثـة. وبـخـصـوص انطباعه عندما علم بتكريمه في معرض الكتاب أوضح أنه لم يصله شيء حتى اآلن ويخشى أن يصرح فيتضح الحقًا أنـــه غـيـر مــكــرم. ووعــــد أن يـــــصـــــرح لــــنــــا بمشاعره عـــنـــدمـــا يـــتـــســـلـــم خطابًا يؤكد تكريمه في معرض الرياض. يذكر أن الدكتور املــــــانــــــع بـــــــدأ رحــــلــــتــــه مع الــتــحــقــيــق فــــي أطروحة الـــــدكـــــتـــــوراة الـــتـــي نالها مـن بريطانيا عــام 1977 وهـــــي عــــن (ابــــــن باطيش املــوصــلــي وكـــتـــابـــه: غاية الوسائل إلى معرفة األوائل.. دراسة وتحقيق). وأخذ املانع بنصيحة املشرف على أطروحته البريطاني البروفيسور جـونـسـتـون، الــذي نصحه بـاالنـخـراط ـبمجرد عـودتـه ـ في العمل البحثي، والعمل على نشر أول عمل (تحقيق) له حتى ولو لم يكن راضـيـًا عـنـه، فـكـان أن استهل نشاطه البحثي املنشور عــام 1982 بنشر كتاب (املنتخب من كتاب الشعراء) ألبي نعيم األصبهاني (املتوفى عام 430 هـ) وتحقيق مؤلفه، ونشر في العام نفسه مع الدكتور وليد قصاب تحقيق كتاب (األفـضـلـيـات) البــن الصيرفي (املـتـوفـى عــام 525 هـــ). من جهته أوضح الدكتور أحمد الضبيب أن االهتمام بتحقيق كتب التراث بدأ في إقليم الحجاز في مطلع العهد السعودي منتصف العشرينات من القرن املاضي، على أيدي باحثني من أمثال رشدي ملحس وحمد الجاسر وأحمد عبدالغفور عطار ومحمد أحمد العقيلي وأسعد طرابزوني الذين التزموا خط املحققني األوائــل وصنيع الناشرين القدماء في تصحيح النصوص وتحريرها ومقابلة النسخ وإضافة بعض الهوامش. فيما عزا الضبيب إلى األكاديميني العائدين من البعثات التزام املنهاج الحديث فــي الـتـحـقـيـق، ومــنــهــم الــدكــاتــرة حــســن الــشــاذلــي فــرهــود وعبدالعزيز الخويطر وحسن باجوده، كونهم اعتمدوا املنهجية العلمية الصارمة، كما تعلموها فـي جـامـعـات الــغــرب، وعــد مما حقق على أيـديـهـم كتاب اإليضاح العضدي )1969( وتاريخ الشيخ أحمد املنقور )1970( وكتاب األمثال للسدوسي )1970( وديوان عبدالله بن رواحة األنصاري .)1972( يذكر أن الدكتور الضبيب من أبرز املحققني العرب. ونال درجة الدكتوراة من بريطانيا عن (دراسة نقدية لألمثال العربية القديمة في كتاب مجمع األمثال للميداني). وأسس عام ـه1386 جمعية اللهجات والتراث الشعبي في جامعة امللك سعود، وله أكثر من عشرة كتب ما بني تحقيق وتأليف إضافة إلى بحوث ودراســات وإسهامات علمية في نـدوات ومحاضرات وترجمة.