مواجهة الترفيه واالبتزاز السياسي
مع بداية عمليات تنظيم القاعدة في السعودية عام ٣٠٠٢ كان موقف القيادات اإلسالموية مضطربا ولم يبدوا موقفا حــازمــا تـجـاه العمليات اإلرهــابــيــة، بــل كــان معظم مــن قام بـبـواكـيـر الـعـمـلـيـات اإلرهــابــيــة فــي الـــريـــاض؛ منتمني إلى املحاضن التربوية التابعة لتيارات ما يسمى بالصحوة، وحاولت القيادات اإلسالموية توظيف واستغالل العمليات اإلرهــابــيــة مــن أجــل خـدمـة أجـنـدتـهـا وبـرامـجـهـا وأهدافها للسيطرة على مفاصل الــدولــة وفــرض نظامها السياسي بالقوة والزلنا نتذكر مداخلة أحد أقطاب التيار السروري في قناة الجزيرة بعد إحدى العمليات اإلرهابية في الرياض فـي تلك الفترة، والـتـي طــرح فيها شـروطـا ملعالجة ظاهرة اإلرهـــــاب مـنـهـا الـعـفـو عــن (كـــل) املــســاجــني املــوقــوفــني على ذمـم قضايا إرهابية وإعــادة األئـمـة والخطباء املفصولني إلــى مساجدهم، وإلـغـاء االتـفـاقـات واألنـظـمـة التي أسماها «وضــعــيــة» وشـــــروط أخــــرى ســاقــهــا وكـــأنـــه يـمـثـل الجناح السياسي لتنظيم القاعدة والرسالة واضحة مفادها: إما أن تطبقوا برنامجنا السياسي أو يستمر اإلرهــاب، إمـا نحن أو هم، هذه كانت املعادلة بكل بساطة التي كانوا يريدون إيـصـالـهـا لــلــدولــة مـنـتـظـريـن بـكـل غــبــاء أن تــرضــخ الدولة البتزازهم وتخضع ملطالبهم، إال أن الدولة واجهت جناحهم املسلح بكل قوة واستطاعت أن تقضي عليه وتفكك خالياه وتـشـردهـم فـي األرض وبـعـد ذلــك ومــع التكتل الشعبي مع الـدولـة فـي مواجهة قطعان اإلرهـــاب، بـدأنـا نسمع الشجب والتنديد واإلدانــة وقلبوا ظهر املجن على رفـاق األمـس إال أن ذات النغمة نسمعها اليوم تعود من ذات التيار الذي ال يريد أن يتعلم من أخطائه، بل يصر بكل حماقة أن يلدغ من ذات الجحر مـرات ومــرات فنسمعهم اليوم يخرجون طرف السكني في هجومهم املنظم على برامج هيئة الترفيه بأن تـلـك املـنـاشـط الفنية ستعيد إحــيــاء خـاليـا الـقـاعـدة وأنها (تستفز) املسلمني في هذه البالد، ومعلوم أن االستفزاز قد يؤدي إلى العنف وهو تكرار لذات القاعدة التي استخدموها في السابق (افعل وإال..) في عملية ابتزاز رخيصة هدفها تعطيل بـرامـج الـدولـة ووضــع العصي فـي الـدوالـيـب ألنهم يقتاتون على الفشل الحكومي والتعثر لخلق حالة التذمر والسخط الشعبي الذي يجيدون استغالله لتهييج الشارع وتسخينه، لذا فإن مواجهتهم بصرامة وقوة أمر في غاية األهمية ملواصلة البرامج التنموية للدولة، ألنهم يشكلون صخورا على قارعة الطريق وال يمكن أن تشق طريقا دون أن تزيح تلك الصخور وتبعدها، فهم يشكلون عائقا من عوائق التنمية كما كان أسالفهم لوال أن الدولة واجهتهم بـسـلـطـة الـــقـــانـــون ونـــفـــذت بــرامــجــهــا عــلــى رغــــم صياحهم وعويلهم، وسـوف يستمر صياحهم وضجيجهم ألنهم لم يتعودوا أن يخرج املجتمع من تحت سلطتهم وسطوتهم، إنه بكاء على اللنب املسكوب وأطــالل مجد كان صرحا من خيال فهوى.