ماذا صنعت يا ملك؟

جـاء سلمان امللك إلـى إندونيسيا فخرج الناس متطابرين يتدافعون باملناكب ليلقوا نظرة عابرة وليصفقوا ترحيبا وتهليال بهذا الضيف الكبير الذي جاءهم من مهوى أفئدتهم. جاء امللك سلمان فجاء الناس جـمـاعـات ووحــدانــًا مشائني وركـبـانـًا ينثرون الـــورود ويلقون نظرات التعطش لرؤية خادم البيتني. جـــاء مـلـك الـحـكـمـة والــكــيــاســة مــن مـهـبـط الــوحــي وأرض الــقــداســة إلى بالد موغلة في بعدها الجغرافي لكنها قريبة جدًا في وزنها الروحي واإلسالمي. يكفي أن يقال إندونيسيا وسيهفو قلبك لرقة أهل هذه البالد وسماحتهم وحبهم لنا وألرضنا. إنك في إندونيسيا حيثما يممت وجهك هذه األيام فثم شعور بالسعادة والزهو بوجود ملك البالد األطهر والتي تتجه لها الجباه في خشوع خمسا من املـرات في كل يوم وهـذا الحب والحنني هو الـذي يجعل لنا نحن السعوديني هذه الحظوة لدى أهل هذه البالد لقد نــأى بنا الــزمــان عــن مثل هــذه الــرحــالت التضامنية لــدول الشرق األقـــصـــى اإلســـالمـــيـــة حــتــى اســتــحــضــرت ذكـــــرى رحـــــالت املـــلـــك فيصل للتضامن اإلسـالمـي والـتـي كــان لها وقعها وأثـرهـا الـواضـح فـي بناء جــســور الــصــداقــة وتــوحــيــد املــواقــف الـسـيـاسـيـة املـنـسـجـمـة مــع مواقف اململكة. وها هو امللك سلمان يحفظه الله يقوم بجولته امليمونة على عدد من دول الــشــرق اآلسـيـويـة حيث تكتسب هــذه الــزيــارة أهميتها مــن تنوع أطيافها وأجنداتها اإلسالمية واالقتصادية والثقافية واألمنية. لقد بـاتـت اململكة فـي عهد ملك الـعـزم والـحـسـم مـحـورًا مـركـزيـًا وقبلة لـــرؤســـاء وقـــــادة دول الــعــالــم وهــــذه املــكــانــة املـكـتـسـبـة للمملكة تجيء منسجمة مع سياستها املتسمة بالوعي والرصانة والعقالنية. إن مظاهر الفرح بزيارة امللك سلمان رسميًا وشعبيا هي مما أدهشنا وأسعدنا وهي في مجملها تعبير عفوي وحقيقي عن مكانتنا الروحيه التي - قد ال نقدرها أحيانا - إال عندما نراها في عيون اآلخرين. لقد جاء ت زيارة امللك إلندونيسيا مطرًا صيبًا ونافعًا ينبت به املصالح املشتركة بني البلدين وستثمر من خالله بواسق االتفاقات التي وقعت كما سنقطف توافقًا في املواقف في كثير من امللفات. لله براعتك يا ملك اإلنجاز وأنـت تعيد بسرعة فائقة تموضع اململكة في موقع الصدارة والتقدير العاملي لكي تتبوأ مكانتها الطبيعية في قيادة العالم اإلسالمي كما هو شأنها في قيادة العالم العربي وسعيها الدؤوب لتقليم التمدد الفارسي في بعض الخواصر العربية. إن لهفة االسـتـقـبـال الـتـي أظــهــرت حـجـم الـحـفـاوة الـرسـمـيـة والشعبية والتي بـدت مؤكدة من خـالل «سيلفي» الرئيس اإلندونيسي مع امللك وكذلك زحـف الجموع البشرية في االستقبال ومظاهره التي غمرت الجزر اإلندونيسية ورانت في النفوس. هي ما تدفعني أن أقول: لله ما أعظمك.. وقد صنعت لنا كل هذا يا ملك.