خطاب الكراهية ومواقع التواصل االجتماعي
قبل أن ندين مواقع التواصل االجتماعي على شبكة اإلنـتـرنـت ملـا تبثه مـن خطاب الكراهية علينا أن ندين لها بالفضل أن عـــرت هـــذا الــخــطــاب وكـشـفـتـه بـعـد أن ظل طــويــال يـنـخـر فـــي جــســد املــجــتــمــع ونحن جـمـيـعـا بـــني مــكــابــر ال يــعــتــرف بـــه وغير مــبــاٍل بـمـا قــد يـتـرتـب عليه وخــائــٍف ممن كانوا يؤسسون له ويشيعونه بني الناس ويحرضون عليه. خــطــاب الــكــراهــيــة الـــــذي أزكـــمـــت رائحته األنـــوف فــي مــواقــع الـتـواصـل االجتماعي كانت رائحته قد فاحت قبل ذلك حني كانت جـمـاعـات ال هــم لها غير تقسيم املجتمع إلى طوائف ومذاهب واتجاهات تصنفها كـــمـــا تـــشـــاء وتــتــهــمــهــا بـــمـــا تــــشــــاء، حتى أوشــكــت تــلــك الــجــمــاعــات أن تــمــزق جسد الـوطـن الـواحـد والشعب الـواحـد إلـى سنة وشيعة تــارة وإلــى ليبراليني وعلمانيني وملتزمني تارة أخرى، وتعمل على تشويه املجتمع حتى كدنا نصبح مجتمعا يشك فيه املرء في أخيه وأمه وأبيه ممهدة بذلك لفتنة لوال لطف الله بنا لحل بنا ما كانوا ينوونه من تمزيق لوحدة الوطن وتفريق لكلمة الشعب. مواقع التواصل االجتماعي عكست ذلك كله وكشفت مـا كـان مسكوتا عنه، وذلــك حني عمد الذين كانوا يقفون وراء تلك الفتنة إلـــى تــحــويــل تــلــك املـــؤامـــرات مــن أجندات خاصة كانوا يعملون على تنفيذها إلى تيارات شعبية يستدرجون من خاللها من يغررون بهم ويغرونهم بما يرفعونه من شعارات زائفة ووعود كاذبة. ولذلك فإننا إذا ما أردنا أن نواجه خطاب الكراهية في مواقع التواصل االجتماعي فإن علينا أن نواجه من يقفون وراءه في الوسط االجتماعي، ولعلنا لو اختصرنا املـــواجـــهـــة عــلــى تــلــك املــــواقــــع نـــكـــون كمن حطمت مـرآتـهـا حــني كشفت لها عــن قبح التجاعيد في وجهها الــذي تخفيه خلف قناع من الزيف والخداع.