هشاشة االستقرار السياسي مبعظم املنطقة!
تطالعنا في كل يوم األحداث البشعة، والتطورات الرهيبة، وأخبار القتل والتدمير، التي تشهدها املنطقة العربية (الشرق األوسط) فـي الـوقـت الـحـاضـر... فتجعل منها أكثر مناطق العالم سخونة واضطرابًا وعـدم استقرار. هذه األحــداث ال تفاجئ املراقبني املتخصصني، الذين يـدركـون أن هناك «أسـبـابـًا» ذاتـيـة وخارجية تقود حتمًا- وبـالـضـرورة - إلــى ما يجري من أهــوال ومــآس يشيب لها الــولــدان. إن ما تتسم به معظم بـالد املنطقة من عيوب ذاتية قاتلة (االستبداد السياسي، الطائفية، املذهبية، اإلسالموية) وما تتعرض له من تآمر دولـي - صهيوني، كان ال بد أن يتمخض عنه هذه املآسي، والكوارث اإلنسانية املؤملة، والتي ال يلوح في األفق ما ينبئ بزوالها، بل هناك ما يشير إلى تفاقمها، ووصولها لذرى أكبر، ومساحات أوسع. وعندما تتوقف هذه املآسي، فغالبا ما ستتوقف على جماجم وجثث أعداد كبيرة (نسبيًا) من شعوب بالد املنطقة املنكوبة، إضافة إلى خراب ودمار وعلل وأمراض، ال يتوقع أن تتعافى منها هذه البالد، إال ربما بعد عقود. ثم تستجد ماس جديدة أخرى، طاملا بقيت مسببات االضطراب.
**** الــنــاس فــي منطقة الــشــرق األوســــط املنكوبة البائسة يموتون كل يوم أكثر من مرة. وكثيرا مــا يــقــاســون مــر األمــريــن مـــن: عـــدم تــوفــر املاء والـــغـــذاء والــــــدواء، وأيــضــًا الــكــهــربــاء، وغياب األمـــــن والـــنـــظـــام، وتــعــطــل املــــــــدارس، وتدمير دور االســـتـــشـــفـــاء. وفـــــي كــثــيــر مــــن الحاالت، تـهـدم الـبـيـوت عـلـى رؤوس أهــلــهــا... ليموتوا قتلى تحت األنقاض، ودون ذنب اقترفوه. إنه هشاشة أو عدم توفر«االستقرار السياسي» الحقيقي الــذي أوصــل تفاقمه تلك املنطقة إلــى مـا وصلت إليه من قالقل، وحــروب أهلية... تسفك فيها الدماء هــدرًا، وتدمر املنشآت، ويصل فيها الجنون اإلنساني إلى قمته، والوحشية إلى ذروتها. غياب «االستقرار السياسي» )Political Stability( هو الطامة الكبرى... هو نتيجة ألسباب هذه املعاناة، وسبب رئيس لتفاقم هذه املآسي، وهذا االضطراب األحمق.
**** إن «االستقرار السياسي» ضــروري للحياة البشرية... ربما بقدر ضــرورة املاء والـــهـــواء... فــبــدون اسـتـقـرار سـيـاسـي مـنـاسـب، ال يمكن لـــدوالب الـحـيـاة، فــي أي مجتمع، أن يــدور، بشكل طبيعي وبـنـاء. انـعـدام االستقرار السياسي (وسيادة عدم االستقرار السياسي) يحيل حياة املجتمع إلى جحيم، ويعطل سير الحياة الـعـامـة، بشكل عـــادى. «االســتــقــرار السياسي» يعني: استتباب األمــن والنظام، القائمني على أسس مقبولة، من قبل غالبية املجتمع املعني، بفئاته املختلفة. وعـنـدمـا يختفي «االســتــقــرار الـسـيـاسـي» (بـسـبـب انــعــدام الــرضــا املــطــلــوب) في أي مجتمع، سـرعـان مـا يسود فيه «عــدم االسـتـقـرار السياسي»، وهــو: معكوس «االستقرار السياسي»، ويعني: تصاعد احتمال حدوث االضطرابات، والقالقل، والحروب... عندما يكون عدم االستقرار السياسي سافرًا... وعندما يصبح «عدم االستقرار السياسي» غير سافر، فإنه يعني: استتباب األمن والنظام على أسس غير مقبولة من قبل غالبية السكان املعنيني. وغالبًا ما تتجسد هـذه األسـس في اإلكـــراه... فـ «عـدم االستقرار السياسي» غير السافر يعني: استقرارًا سياسيًا مفروضا (بالقوة)... ولكنه يظل «عدم استقرار سـيـاسـي». وهــو عـبـارة عـن قنبلة... قابلة لالنفجار فـي أي لـحـظـة... لتدمر، في لحظات أو ساعات أو أيام، ما تم بناؤه في سنوات... لذلك، يظل «االستقرار السياسي» الصحيح مطلبًا ملحًا، وضروريًا، لقيام ونمو املجتمعات، بشكل طبيعي، وســلــيــم... و«عـــدم االســتــقــرار الـسـيـاسـي»، بنوعيه، يـعـنـي: الــصــراعــات، واالضــطــرابــات، والـــبـــؤس... لــو كــانــت هــذه الــبــالد العربية املضطربة مستقرة سياسيًا، استقرارًا سياسيًا حقيقيًا وفعليًا، ملا حصل لها وفيها مــا يحصل اآلن. ولـكـي يتوفر االستقرار السياسي الحقيقي والدائم فيها، ال بد من توفير «متطلبات» تــواجــده املــعــروفــة، والــتــي يحددها تعريف هــذا الــنــوع مــن االســتــقــرار. وتـوفـيـر هذه املــتــطــلــبــات هـــو مــســؤولــيــة أصــيــلــة ألهــــل البلد املعني، شعبًا ونخبة. فهم املسؤولون الرئيسون عن توفر هذا االستقرار (عبر تبني استحقاقاته) أو عدم توفره.
**** وال شك أن بالدنا العزيزة، التي تتمتع (ولله الحمد) بأمن واستقرار تفتقده معظم البالد حولها، ال تقف متفرجة على ما يجري حولها. فالنار تشتعل في الجوار... وألسنتها قد تمتد – ال سمح الله - تجاه ما يجاورها. لذلك، ال بد من الحذر، وتنمية وتطوير استقرارنا السياسي، باستمرار، التقاء شرور غيابه - ال قدر الله - وتفادي ما وقع فيه غيرنا من أخطاء، أدت إلى هذه املآسي والكوارث. مـاذا نعمل بالضبط..؟! هل نسعى لنقل مملكتنا من هذه املنطقة، لنذهب بها بعيدًا، ونتموضع فـي مـكـان قصي مـن الـكـرة األرضــيــة، خــال مـن االضطرابات وعدم االستقرار القاتل...؟! بالطبع، ذلك أمر مستحيل، يذكر من قبيل املجاز. ليس أمامنا سوى: التحصن وتنمية وتطوير مدى استقرارنا السياسي باستمرار... عبر اإلجــراءات والخطوات الرئيسة املحققة لالستقرار الحقيقي والسليم. ذلك االستقرار الـذي يضمن - بـإذن الله – حماية بالدنا، وأجيالنا القادمة، ويوفر حياة آمنة ومواتية المتدادنا البشري الثمني.
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 االتصاالت أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 121 مسافة ثم الرسالة