حروب احلوادث اخلاسرة

ثــمــة أرقـــــام مــفــزعــة طـالـعـتـهـا يـــوم أمـــس حـــول الخسائر التي تسببت بها الـحـوادث املـروريـة من استنزاف بشري واقتصادي وصحي: يقول مدير إدارة مــرور محافظة بقيق إن نسبة شاغلي أسّرة املستشفيات باململكة نتيجة الحوادث املرورية يبلغ .%30 وتثبت إحــصــاءات الـعـام املـاضـي وفــاة مـا يـقـارب 8500 شـخـص نتيجة الـــحـــوادث املـــروريـــة أي بـمـعـدل وفـــاة كل ســاعــة، فيما بلغت اإلصــابــات 39 ألــف إصــابــة بخسائر مالية وصلت إلى 21 مليار ريال. هذه الحقيقة املفزعة تم نثرها في فعاليات أسبوع املرور الخليجي املـوحـد الـــ33 تحت شعار «حياتك أمـانـة» يوم أمس، وهذه الحقائق املروعة نتذكرها سنويا مع فعاليات أسـبـوع املــرور السنوي، ونغلق عليها أدراجــنــا حتى إذا جاء األسبوع السنوي نكتشف أن األرقام تضاعفت بشريا وماديا... تصوروا وقع الكارثة (وفاة في كل ساعة) وهذه الخسائر الــبــشــريــة ال تــحــدث فــي أعــتــى املـــعـــارك، وإذا قـسـنـا بهذا القياس، فالبالد مجتمعة في حالة مواجهة خاسرة مع الحوادث.. وإذا قلبت بصرك فلن تجد سوى تقاذف التهم، فكل جهة تخلي مسؤوليتها بتحميل أسباب الخلل في عنق جهة أخرى، فعلى سبيل املثال تبرأت وزارة النقل قبل عدة أيام مــن أســبــاب تــزايــد وفــيــات املعلمات على الــطــرق البعيدة واتهمت وزارة التعليم وإدارة املرور في التساهل بإعطاء التراخيص لسائقي النقل العام. وهي مشكلة تتغاضى عنها كل جهة نتغاضى عنها إذ أن هناك سائقني ليسوا مؤهلني بما فيه الكفاية سواء للقيادة داخل املدن أو في الخطوط الطويلة وإهمال هذه الجزئية هو إهمال ملسبب في غاية األهمية كون أوالدنا ونسائنا يتنقلون في سيارات تقاد من مثل هذه النوعية. ومـن األسباب التي لم نهتم بها أو نسعى لتالفيها حال الطرق لدينا إذ كثير منها غير مهيأ وال توجد به وسائل ســالمــة أو لــوحــات إرشـــاديـــة أو مـعـبـر لــلــجــمــال، وبعض الــكــبــاري واألنـــفـــاق ال تــحــتــوي عــلــى أي صــبــات جانبية لـلـحـيـلـولـة دون ســقــوط املــركــبــات، وال تــضــم أي لوحات إرشادية أو تنبيهية ملنزلق أو انحناء ات خطيرة. وفي هذا اللوم أوجه لوزارة النقل للمرة األلف كون كثير مــن الـخـطـوط الطويلة أو املـوصـلـة مــا بــني الــقــرى واملدن الصغيرة تهمل من وسائل السالمة ولن يكتشفها إال من جرب السير فيها ليال أو نهارا سيكتشف عندها أن عليه تفتيح كل مسامات جسده ليتنبه ملخاطر تلك الطرق. سوف تظل الحوادث تحصدنا يوميا وبنسبة مرتفعة ما لم تتضافر جهود كل الجهات املعنية لتالفي املسببات الحقيقية وراء مئات آالف الحوادث. وهــذا يحمل املسؤولية لكل من املــرور واألمـانـات ووزارة النقل والــهــالل األحــمــر ووزارة الصحة ويكفينا تقاذف املسؤولية فالحرب التزال قائمة.