Okaz

UM²¹ƒ— ‪ÊUÐUO « W¹ƒ—Ë‬

-

الزيارة التي قام بها خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه اللهلليابا­ن هي األولى مللك سعودي منذ ٦4 عاما. وامللك سلمان بشخصه ليس بالغريب على اليابان وال على العالقات الثنائية بني البلدين، فقد سبق أن زارها في التسعينات بصفته أميرا ملنطقة الرياض، وزارها مرة أخرى في فبراير 2014 بصفته وليا للعهد حينها، ووقع خالل تلك الزيارة ثالث اتفاقيات اقتصادية ودفاعية إضافة إلى مذكرة تفاهم بني الهيئة السعودية لالستثمار واملركز الياباني للتعاون مع دول الشرق األوسط. ولسنا هنا بصدد تعداد مجاالت التعاون والشراكات السعودية/ اليابانية فهي أكثر من أن تحيط بها مقالة، ولسنا أيضا بصدد تاريخ العالقات بني البلدين التي بدأت بوفد أرسله امللك املؤسس عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله- سنة 1٩30 لالحتفال في افتتاح أول مسجد في طوكيو، وتعززت بمعاهدة الشراكة اإلستراتيج­ية سنة 1٩75 تحت شعار «نحو القرن الحادي والعشرين» ولكن يمكن أن نقول باختصار إن اليابان تستورد 08٪ من نفطها من دول الخليج وإن السعودية تأتي في املرتبة األولـى كمصدر لــواردات اليابان النفطية. وإن قيمة الـصـادرات السعودية لليابان ارتفعت من 13٫1 إلـى 42٫5 مليار دوالر للفترة مـن 2004 إلــى 2014 تشكل ٩٫01٪ مـن إجمالي الصادرات السعودية، في حني أن الصادرات اليابانية للمملكة ارتفعت لنفس الفترة مـن 8٫3 إلـى 7٫41 مليار دوالر، وأن املـيـزان التجاري يميل بقوة حتى السعودية. ورغــم أن اليابان تحاول قـدر املستطاع الحفاظ على التوازنات اإلقليمية في تعامالتها الثنائية في املنطقة، خصوصا في ما يتعلق بإيران، إال أن ذلك لم يؤثر على تطوير عالقاتها االستثنائي­ة بالسعودية الـتـي تخطت حـد االتـفـاقـ­ات االقـتـصـا­ديـة املــحــدو­دة إلــى الـشـراكـة الكاملة فـي قطاعات متعددة. بل إن السعودية تشكل بالنسبة لليابان أهمية اقتصادية وإستراتيجي­ة خاصة كمنتج مرجح للنفط، ذلك أنها حينما اضطرت لالنصياع للقرارات األممية في مقاطعة الصادرات اإليرانية في 2012 هبطت وارداتها من النفط اإليراني بنسبة 0٦٪ ولم تجد أمامها سوى صداقتها باململكة كضمانة قصوى الستقرارها االقتصادي بتعويض الفاقد من النفط اإليراني، وتكرر هذا الوضع أيـضـا عند اضــطــرار الـيـابـان إلغــالق مفاعالتها الـنـوويـة بعد انـفـجـار مفاعل فوكوشيما وتزايد حاجتها للنفط كبديل عاجل للطاقة النووية. وإذا ما عرفنا أن إيران الشاه كانت أكبر موطن لالستثمارا­ت اليابانية في املنطقة ومدى خسارتها لتلك االستثمارا­ت في إيران الخميني نعرف عمق األهمية اإلستراتيج­ية التي تعلقها اليابان على شراكاتها السعودية والخليجية. ولقد تعززت هذه األهمية كثيرا حتى قبل زيارة خادم الحرمني الشريفني لليابان من خالل الزيارة التمهيدية الـتـي قــام بها سمو ولــي ولــي العهد الـسـعـودي األمـيـر محمد بـن سلمان أواخـــر شهر اآلن لصالح أغسطس املاضي والتي أثمرت اتفاقات تمويلية لشركات سعودية وصلت قيمتها إلى 5٫1 مليار دوالر، كما أثمرت شراكة كبرى بني (سوفت بنك) الياباني وصندوق االستثمارا­ت العامة السعودي في إنشاء صندوق لالستثمارا­ت التكنولوجي­ة في لندن تستثمر اململكة فيه بما ال يقل عن 45 مليار دوالر وتشارك اليابان فيه بما ال يقل عن 25 مليار دوالر على مدى السنوات الخمس القادمة بهدف دعم االبتكارات التكنولوجي­ة وتوطني الصناعات املتقدمة في اململكة. وتتمثل أهمية هذه الشراكة التكنولوجي­ة بأنها تأتي ضمن رؤية 2030 التنموية السعودية التي تطمح لقلب املعادلة االقتصادية في تحويل االقتصاد السعودي من اقتصاد ريعي يعتمد على القطاع النفطي إلى اقتصاد منتج يوسع الشراكة بني القطاعني العام والخاص ويشجع االستثمارا­ت األجنبية في قطاعات منتجة أخرى. وهـذا ما يتطابق مع «الـرؤيـة اليابانية» لالستثمار في السعودية التي عبر عنها أحد مستشاري رئيس الوزراء الياباني (ايب) بقوله «إن اليابان أكثر استعدادا لالستثمار في قطاعات االقتصاد السعودي غير النفطية منها لالستثمار في القطاع النفطي» فاليابانيو­ن يرغبون في االستثمار فـــي الـتـقـنـي­ـة والــتــصـ­ـنــيــع وكـــافـــ­ة الــقــطــ­اعــات الــتــي تــخــدم خــطــة التحول اإلستراتيج­ي السعودية. وهذه الرؤية اليابانية هي ما انعكست على األخبار الـواردة من طوكيو بشأن اتفاق خادم الحرمني الشريفني ورئيس وزراء اليابان على دراسة إنشاء «منطقة اقتصادية» مشتركة بـني البلدين، واملـوافـق­ـة على شـراكـات فـي 31 مشروعا جـديـدا فـي مـجـاالت متعددة منها التصنيع والسياحة وسلسلة اإلمـــداد والتموين ورغـبـة الـيـابـان فـي إدراج أسـهـم أرامــكــو وبعض الشركات السعودية األخرى في بورصة طوكيو. ويبقى أن نشير إلى أنه مثلما توازن اليابان بني عالقاتها باململكة ودول الخليج في كفة وإيران في الكفة األخرى فإن اململكة توازن أيضا بني اليابان والـدول الكبرى على كل صعيد حتى العسكري. فمثلما تربطنا معاهدات واتفاقات مع اليابان، لم نفرط بعالقاتنا األخرى، وفي الوقت الذي نستقبل به أسلحة في ترساناتنا وسفنا حربية من تلك الدول زائرة في موانئنا، ندرك أن التعاون العسكري ضروري أيضا مع اليابان التي عدلت قوانينها الدستورية لتتمكن من اإلسهام في محاربة اإلرهاب وحماية املالحة الدولية في مضيقي هرمز وباب املندب الذي تشكل السفن اليابانية حوالى 01٪ من إجمالي السفن التي تعبره يوميا، ما دفع باليابان ملجاورتنا بصفة دائمة في القرن األفريقي بتوطني قاعدة بحرية في جيبوتي للمساهمة في حماية حركة املالحة البحرية في املضيق، وما يعني بالتأكيد أن مستقبل التعاون العسكري بني البلدين أصبح في األفق املنظور.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia