الفرص الضائعة
فـي اعتقادي أن مـن أبــرز أسـبـاب فشل حلولنا القطاعية هــي جملة مــن األســبــاب غـيـر الــظــاهــرة، مــن بينها أن كل قـطـاع يـحـاول إيـجـاد حـلـول بـمـفـرده، وذلــك لـعـدم وجود حــاضــنــة مــشــتــركــة أو مــنــصــة مــؤســســيــة تــنــصــهــر هذه الجهود وتتكامل في إطـارهـا، ولذلك غالبا ال تحقق أي نتائج حقيقية على اعتبار أن عصب االقتصاد يتقاطع مع بعضه وبطريقة دقيقة ومعقدة. خــذ عـلـى سبيل املــثــال املـؤسـسـات الـصـغـيـرة واملتوسطة التي يقال إنها مرشحة إلضـافـة 1.1 تريليون ريــال في حالة تعافت وصلح حالها وسوف تبلغ نسبة مساهمتها في الناتج املحلي %46 قياسًا بالنسبة الحالية وهي ،%21 كما سـوف ترفع نسبة التوظيف إلـى %67 بـدال من %53 لكن مثل هــذه الحلول ليست حلوال قطاعية فـي بعدها اإلداري، ولـيـسـت مـرتـبـطـة بــهــذه املــؤســســات أو إطارها التنظيمي فــقــط، كـمـا جــرت الــعــادة فــي طـريـقـة التعامل معها، وإنما تتعداها إلى حلول وطنية ينبغي أن تطبخ فــي مـطـبـخ أكــبــر، وبــالــتــالــي فـــإن نــجــاح هـــذه الــحــلــول ال يرتبط بالحلول القطاعية فقط، وإنما بالتغيير املؤسسي ككل الذي سوف يمهد الطريق لتكامل واندماج عمليات اإلصاح االقتصادي. ال بــد إذن مــن إزالــــة الــحــواجــز الــوهــمــيــة بــني القطاعات وتــقــاطــع األنــظــمــة الــعــامــة مــع بعضها الـبـعـض بصورة شفافة، وهـذا أمـر لن يتحقق إال بجرعات عالية التركيز من اإلصاحات اإلدارية واملالية والتنظيمية (األساسية) وردم هذه الفجوات الكبيرة التي تكرست مع الزمن، والتي غالبا ما تتسرب منها هـذا الجهود وتضيع، وحتى لو قــام مجلس االقـتـصـاد والتنمية بـهـذا الـــدور وقــام بردم هذه الفجوة نسبيًا في رأس الهرم لدى هذه اإلدارات من خال تكامل األدوار، لكن الفجوة التزال قائمة، بل وتزداد اتساعا كلما نزلت من رأس الهرم إلى أن تبلغ ذروتها في قاعدته على مستوى هـذه األجهزة الحكومية املتباعدة جدا.