Okaz

مفكر فذ وكاتب رصني ووزير «التعديالت اجلذرية»

-

بتحرير الكويت وإعــادة العمل بالدستور وإجــراء انتخابات نيابية وتشكيل حكومة جديدة، تم توزيره، فمنح حقيبة التربية والتعليم العالي التي شغلها ما بن عامي 1992 1996و من خال حكومتن. واملعروف أنه بدأ العمل في وزارته برفع شعار «الهرم املقلوب» في إشارة إلى عزمه إجراء تعديات جذرية. فكان أن تحققت في عهده أشياء كثيرة مثل: إقـرار كادر املعلمن للمرة األولـى، إقرار تدريس اللغة اإلنجليزية في املرحلة االبتدائية، تخصيص ميزانية لكل مدرسة، تأسيس اللجنة الوطنية لدعم التعليم، وغيرها. وكـان بإمكانه تحقيق املزيد لـوال وقـوف نـواب التيار اإلسامي ضـده وتهديدهم له باالستجواب، لكنه رغم ذلك لم يكره أحدا من معارضيه الكثر. كان موقفه إزاءهم هو: «إما الدعاء لهم أال يندفعوا في معاداتهم للناس، وإما التمني أال يكونوا في هذا املوقع». وال بد هنا من اإلشـارة إلى أنه أوصى نجله البكر قتيبة قبل وفاته بجملة «يا ابني أحب الناس.. كل الناس». وحول توزيره تحدثت زوجته «ملياء عبدالكريم» في حفل لتخليد ذكراه في 6 مارس ،2014 فقالت: «كنت من أشد املعارضن لقبوله منصب الــوزارة، فقال لي إذا لم توافقي فلن أقبلها، لكن أعطيني مبرراتك حتى أدعمك، فقلت له: ستسقط سياسيا وتحرق مستقبلك السياسي إذا قبلت الوزارة فأنت رمز سياسي، قال لي: إذا استطعت أن أصلح %5 فقط من الذي أتمناه وأفكر فيه فليحترق مستقبلي السياسي». إلى جانب عمله األكاديمي والـوزاري والنيابي واالجتماعي، مارس الربعي الكتابة الصحفية. فكتب أوال في «السياسة»، ثم انتقل منها إلى «الوطن» في بداياتها، وكانت له زاويته الشهيرة «باملقلوب» في «القبس» بدءا من .1991 كما كتب في «الشرق األوسط» محتا الزاوية التي كان يكتب فيها مصطفى أمن قبل وفاته في ،1997 حيث تساء ل الكثيرون وقتها عما إذا كان بوسعه أن يمأل الفراغ، لكنه مأله بجدارة. وكتب تركي الدخيل في («عكاظ» ‪)2016 /7 /9‬ بعد رحيله قائا: «صحيح أنه هو من سمى قناة (العربية) بهذا االسم كما يروي صديقه الشيخ وليد البراهيم، لكنه اآلن سمى أمورًا كثيرة قبل أن يرحل وعلى رأسها التطرف». وهذا صحيح فالرجل سبق الجميع في التحذير من خطر الجماعات األصولية املتطرفة، وكان شجاعا في نقدهم خال أوج قوتهم؛ بمعنى أنه لم ينتظر انكسار شوكتهم حتى ينقض عليهم. وآية ذلك ما قاله بشجاعة في وسط األصولين أثناء ندوة حاضر فيها بالرياض في 2 مارس .2006 تعرض الربعي لورم في الدماغ فتعالج في أمريكا لفترة قاربت السنتن، حيث أجريت له هناك عملية تمت فيها إزالة جزء من الورم الخبيث. وفي آخر عودة له إلى وطنه سجل عنه قوله: «عشت 57 سنة حلوين.. وإذا في عمري زيادة زين على زين». هكذا كان، مرحا متفائا حتى في ساعات الشدة، كيف ال وهو القائل: «نحن في حاجة إلى شحنة من التفاؤل غير الكاذب. التفاؤل الذي يعطي اإلنسان طاقة وقدرة على العطاء». بل تمعنوا في ما قالته قرينته عن رحلة مرضه (بتصرف): «كان شخصية عجيبة علمنا في مرحلة املرض معنى قيمة الحياة. كنا نجلس معه كل يوم في السنتن نتناول األدب والشعر والسياسة. كانتا سنتن من أجمل أيامنا كأسرة. كان هو من يعطينا األمل وليس نحن، وكان الدكاترة يتعجبون من إرادته وقوته ورغبته في الحياة. أعتقد أن هذه الفترة من حياته يجب أن تدرس ليتعلم الناس عدم اليأس واالستسام». أخبرني شخصيا في أحد لقاءاتنا في البحرين يوم أن كنا زماء نحرص سنويا على املشاركة في «منتدى التنمية الخليجي» أن أكثر لحظات الحرج في حياته كان يوم أن ذهب إلى مسقط وزيرا للتعليم للمشاركة في اجتماع وزراء التربية لدول مجلس التعاون، وكان عليه مرافقة نظرائه للسام على السلطان قابوس. إذ كيف سيقف أمام من مارس ضده القتال يوما ما. غير أن السلطان -طبقا للربعي- كان حكيما وأراد أن يشعره بتغير الظروف واألحوال ونسيان املاضي، فخصه بمصافحة طويلة ومقعد قريب من مقعده حسداه عليهما زماؤه الوزراء.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia