مشروع املؤسس للنقل العام ينقذ الرياض
شـــهـــدت الــــريــــاض نـــمـــوًا سكانيًا ســــريــــعــــًا ونــــهــــضــــة عمرانية كـبـيـرة خــالل الـعـقـود الثالثة املاضية، ألسباب عدة؛ منها الــهــجــرة الـعـكـسـيـة للبحث عـــن فــــرص الــعــمــل، إذ بلغ عدد السكان في عام 1٤38 نــحــو ٥.6 مــلــيــون نسمة، بمعدل نمو ٤%، واستقبلت مدينة الرياض خالل الفترة ٥2٤1ــ73٤1 أكثر من 276.000 ألف نسمة من مختلف مناطق اململكة، ما جعلها واحدة من أسرع مدن العالم نموًا وتطورًا. وواكــب النمو السكاني والنهضة العمرانية، وما صاحبهما من تطور وازدياد في األنشطة الــتــجــاريــة والــصــنــاعــيــة، زيـــــادة الــحــاجــة إلى الــتــنــقــل بـــني أحـــيـــاء املـــديـــنـــة، وأدى ذلــــك إلى ازدحـــــــام بــعــض الــــشــــوارع والــــطــــرق باملدينة وصعوبة التنقل بني أرجائها، وتعطل حركة الــســيــر ومــضــاعــفــة مــعــدل الـــحـــوادث املرورية وكثرة اإلصابات والوفيات وتلفيات املركبات، خصوصًا أن ما يزيد على %93 من الرحالت اليومية بـواسـطـة الـسـيـارات الـخـاصـة، بينما يــشــكــل اســـتـــخـــدام حـــافـــالت الــنــقــل الـــعـــام %2 مـــن مــجــمــوع الـــرحـــالت اإلجــمــالــيــة، إذ بلغت الـرحـالت اليومية التي تتم بواسطة السيارة الخاصة في عام 1٤38 نحو 8.9 مليون رحلة يـومـيـة، مــا جعل مـعـدل اسـتـخـدام املركبات الخاصة كبيرًا مقارنة بوسائل الـــنـــقـــل األخـــــــــــرى، بـــســـبـــب عدم توافر وسائل بديلة مثل قطار أو حــافــالت مهيأة لالستخدام اليومي. وفـــي ضـــوء ذلــــك، وحـــرصـــا من حــكــومــتــنــا عــلــى تــطــويــر نظام نقل عام آمن في مدينة الرياض، وافق مجلس الوزراء في جلسته املنعقدة فـي 2 جـمـادى اآلخرة 1٤33 عـــلـــى تــنــفــيــذ مشروع النقل العام في مدينة الرياض (الـقـطـارات - الـحـافـالت) بكامل مـراحـلـة، وفـقـا لــلــدراســات التي سبق أن أعدتها والتي ستعدها الـهـيـئـة الـعـلـيـا لـتـطـويـر مدينة الــــــريــــــاض بـــمـــشـــاركـــة الجهات املختصة إليـجـاد حلول جذرية وشاملة لالختناقات املرورية بمدينة الرياض. ويهدف القرار إلى توفير خدمة النقل العام لكل شرائح املجتمع، وتنويع طـــرق وأســالــيــب الـتـنـقـل فــي املدينة بطريقة فعالة وحضارية، والحد مـن االسـتـخـدام املـفـرط للمركبة الــخــاصــة، واإليـــفـــاء بمتطلبات التنقل القائمة واملـتـوقـعـة، بما يتالءم مع الظروف االجتماعية واالقتصادية والبيئية واملرورية. وهــــذا مــن شــأنــه اإلســـهـــام فــي تـحـقـيـق عوائد كبيرة على املدينة وسكانها، تتجاوز توفير خـدمـة الـنـقـل الــعــام لـفـئـات الـسـكـان كــافــة، إلى الـجـوانـب املــروريــة واالقـتـصـاديـة والعمرانية واالجتماعية والصحية والبيئية، إضافة إلى تأسيس نظام نقل دائــم يواكب النمو الكبير الذي تشهده املدينة، ويفي بمتطلبات التنقل القائمة واملتوقعة مستقبال. ومــــن الـــفـــوائـــد اإليــجــابــيــة الــتــي ســيــســهــم في تـحـقـيـقـهـا مـــشـــروع املـــلـــك عــبــدالــعــزيــز للنقل العام، توفير أكثر من 23 ألف فرصة عمل لكال الجنسني، ويعزز النشاط التجاري والسياحي، ويــخــلــق بــيــئــة آمــنــة اقــتــصــاديــًا واجتماعيًا وجـاذبـة لالستثمارات الداخلية والخارجية، وذلك من خالل أحد مسارات القطار الستة الذي سيكون مـسـاره مباشرة مـن مطار امللك خالد الدولي مرورًا بمركز امللك عبدالله املالي، وهذا يعني أن منطقة املــركــز املــالــي -بـحـسـب رؤية اململكة -2030 ستكون مستثناة من تأشيرات الــدخــول ومـربـوطـة مباشرة بصالة الوصول في مطار امللك خالد الدولي عن طريق القطار، ويسهم املشروع أيضًا في الحد من الخسائر االجـتـمـاعـيـة واالقــتــصــاديــة بـسـبـب الحوادث املرورية، وتخفيض الضغط على املستشفيات واملـراكـز الصحية، والـحـد مـن التلوث البيئي الناجم من املركبات.