Okaz

«غياب العدالة»

-

أتذكر اآلن جيدا أنني بكيت في مدرج ملعب حـائـل عقب إحــدى املباريات بن فريقي الطائي والهال، كان ذلك قبل نحو 30 عاما، كانت املباراة قد شهدت ظلما تحكيميا لفريق الطائي من الحكم عمر املهنا، نسيت الكثير من تفاصيل املباراة لكن الظلم الذي وقــع على الطائي وملصلحة الهال تـــرك جــرحــا دامــيــا لــســنــو­ات طويلة يــوغــر صــــدري ضــد الــحــكــ­ام وفريق الـــهـــا­ل، مـــن يــومــهــ­ا أدركـــــت حقيقة غياب العدالة من الوسط الرياضي. بـالـطـبـع أنـــا اآلن أســخــر مــن نفسي، كيف أبكي من أجل مباراة، وعندما أشـــاهـــ­د هــــذه األيـــــا­م مــقــاطــ­ع فيديو لبعض املشجعن وهم يبكون أشفق عليهم وأقــول سيكبرون ويندمون، لـــكـــن مــــع هــــــذا أدرك حــقــيــق­ــة أنهم فــي هـــذه الــلــحــ­ظــات الــتــي يسفحون دمــوعــهـ­ـم يــشــعــر­ون بـــوطـــأ­ة الظلم، وأدرك أيـضـا أن هــذا الـظـلـم سيترك في نفوسهم مشاعر غاضبة تدفعهم من حيث يدرون أو ال يدرون إلى أن يكونوا مشجعن متعصبن. والذي ذكرني بهذه القصة هو قرار الجهات العليا بتكليف ثاث وزارات لبدء تحرك جاد للحد من التعصب الرياضي وكبح ما يغذيه في وسائل اإلعــــــ­ام، وألن الــتــعــ­صــب الرياضي قضية مـزمـنـة، ولـهـا جـــذور ضاربة في أعماق وسطنا الرياضي، وحتى ال يــضــيــع­ــون وقــتــهــ­م فـــي قصقصة أغـــــصــ­ـــان شــــجــــ­رة الـــتـــع­ـــصـــب وتـــــرك جـــذورهــ­ـا فـــي األرض تــنــتــج املزيد مـــن األغــــصـ­ـــان، وحـــتـــى ال يهدرون جــهــودهـ­ـم فـــي مــعــالــ­جــة األعــــــ­راض، بـــدال مــن مـعـالـجـة املـــرض نـفـسـه، أو يــتــصــر­فــون كــمــن يــعــالــ­ج السرطان بــحــبــة اســـبـــر­يـــن، فــإنــنــ­ي أنصحهم أوال أن تــقــوم هـــذه الــجــهــ­ات الثاث بـتـحـديـد أســبــاب وجــــذور التعصب الرياضي الحقيقية، وهــي واضحة وال تحتاج لكثير تفكير، وسيجدون على رأسها غياب العدالة من الوسط الــريــاض­ــي، فـلـو عـمـلـوا عـلـى ضمان العدالة فأنا أضمن لهم القضاء على %90 من مظاهر التعصب وتجلياته في اإلعــام وفـي املـدرجـات، وفـي كل مفاصل الرياضة السعودية. بالطبع أتحدث هنا عن حل طويل األمد، ويحتاج وقتا إلنجازه، ولتبدأ هــيــئــة الــــريــ­ــاضــــة الـــتـــي هــــي ضمن الجهات الحكومية الثاث بنفسها، وهـي مسؤولة عن ظاهرة التعصب في الوسط الرياضي. أمـــا عـــن الــحــلــ­ول الــســريـ­ـعــة وفـــي ما يــتــعــل­ــق بـــــاإلع­ـــــام تــــحــــ­ديــــدا، فأنا أخــشــى أن يستغل هــذا الـتـحـرك في تكميم اإلعــام الرياضي والحد من حـــريـــا­تـــه، أو يـــكـــون مــقــتــص­ــرا على معاقبة إعامين دون غيرهم، ولذا أطالب بوضع التشريعات واألنظمة الـــواضــ­ـحـــة والـــصـــ­ريـــحـــة والقابلة لــلــتــط­ــبــيــق عـــلـــى الـــجـــم­ـــيـــع بعدالة ونزاهة، وبما يضمن الرقي باإلعام الـــريـــ­اضـــي، ورفـــــع املــســتـ­ـوى املهني لإلعامين الرياضين ومــا تقدمه الــقــنــ­وات والـــبـــ­رامـــج الــريــاض­ــيــة من طــرح بعيدا عـن اإلسـفـاف واالبتذال كما يحدث اآلن. ال أحـــــد يــخــتــل­ــف عــلــى أن إعامنا الـريـاضـي ومـنـذ «صحافة املجرشة ومـعـوكـس وبقية الــزوايــ­ا السوداء» وحـــتـــى يــومــنــ­ا هــــذا وهــــو يخوض فـــــي الــــــــ­ـدرك األســـــف­ـــــل مـــــن التهريج والــفــوض­ــى، وأن بـعـض اإلعامين «وهم معروفون باالسم» أخذوا على عاتقهم جر اإلعام الرياضي بعيدا عن املهنية وأخـذه عنوة إلى وحول مـسـتـنـقـ­ع الــتــعــ­صــب، وقـــد آن األوان إلقصائهم من املشهد، لكن يجب أن يكون ذلـك على قاعدة «املــوس على كــل الــــؤوس» بـحـيـث ال يــكــون هناك فرق بن إعامي هالي أو نصراوي او اتــــحـــ­ـادي او أهــــــاو­ي إال بمدى

التزامهم بالنظام والتعليمات.

 ??  ?? صالح الفهيد
صالح الفهيد

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia