التأليب ضد الوطن

ال أحد فوق القانون سواء أكان أميرا أو وزيرا أو قاضيا أو واعظا وكـل هـذه األلقاب مـرت سيرتها وقرأنا محاكمتها خالل الفترات الزمنية السابقة. والقضايا الشخصية ال تعني أحــدا مـن الجماهير سوى املتخاصمني أنفسهم وتتسع دائـــرة املعنيني بــأي قضية تمس الــرأي العام حتى تصبح محاكمة أي فرد ذي صفة اعتبارية هي الحدث املثار بالسؤال عن أسباب املحاكمة أو عن نتائجها براء ة أو إدانة.. وفـــي هـــذه األيـــــام نــشــط املـــغـــردون بــذكــر أحـــكـــام قضائية واستدعاء بعض رموز ما عرفوا بمشايخ الصحوة ملعرفة بعض أنشطتهم السابقة من غير الحديث عن االنتماءات الحزبية أو مساندة تـيـارات إسالمية حركية أسهمت في تــأجــيــج الـــــرأي الــعــام بــمــا يــــؤدي إلـــى اإلضـــــرار بمصلحة الوطن... وهـــي األصـــــوات ذاتــهــا الــتــي كـــان لــهــا الــــدور األســــاس في التحريض واجتذاب شبابنا إلى أن يكونوا حطبا ملعارك طـاحـنـة فــي كــل بــقــاع األرض، ومــع تكشف الــكــوارث التي أنتجتها الصحوة، كانت دعـوة الـرأي العام محاكمة هذه الفئة بأثر رجعي كـون تحريضهم اليــزال ســاري املفعول، ولـــعـــدم تــحــريــك الــقــضــيــة مـــن املـــنـــاداة إلـــى تــقــديــم شكوى قضائية ظل املحرضون ينعمون باملال والجاه ويعيشون عـلـى أمــجــاد نجوميتهم ولــم يـتـحـرك أي منهم لالعتذار للوطن أو ملن فقد ابنا أو أخا بسبب تحريضهم. واآلن يحدث تحريض على هامش أخبار استدعاء هؤالء املشايخ، فجميعنا يعلم أن بعض التنظيمات اإلسالمية الراديكالية تنشط في امليدان وعلى جميع الجبهات التي تبقي عملية استقطاب املؤيدين فعالة، وأهم تنظيم يجيد هـذه اللعبة هم اإلخــوان املسلمني إذ لهم أذرعــة لوجستية ليس في جانبها العسكري فحسب، بل املـؤازرة واملساندة في تأليب أطياف املجتمع بأن مشايخ البلد تتم مساءلتهم ويــحــاكــمــون وتــصــدر فــي حـقـهـم أحــكــام قــضــائــيــة، بينما تـركـوا أفسد خلق الله مـن غير محاكمة (ويـقـصـدون بهم الــكــتــاب واألدبـــــاء واإلعــالمــيــني والــفــنــانــني)... وألن أذرعة اإلخوان املسلمني تجيد هذه اللعبة فقد انطلقوا في وسائل التواصل االجتماعي بحجة الـضـالل تلك، حتى أن ردود بعض رجــال هيئة كبار العلماء تم تسفيهها حني ذكروا أن مـن حـق الــدولــة مـسـاءلـة ومحاكمة كـل مـن يـخـرج على األنظمة من أجل إثارة الفرقة. إذن الــقــضــيــة لــيــســت قــضــيــة مــشــايــخ اســتــغــلــوا الدعوة ألغراضهم السياسية وهـم يحاكمون اآلن ملا اقترفوه من أذى ضد البلد وضد املغرر بهم من أبناء الوطن، بل جوهر هذه املقالة هو التنبه ألذرعة اإلخوان املساندة في التأليب ضد البلد..